طعن مدني رقم 350/ 46 ق
- التصنيف: المدني
- رقم الطعن: 350
- السنة القضائية: 56
- تاريخ الجلسة: 3 يناير 2004
طعن مدني رقم 350/ 46 ق
العنوان
- تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع – شرط ذلك.
- حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني – شرط ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 1073/ 97 مدني كلي جنوب طرابلس ضد الطاعن وآخر تابع له. طالبين إلزامهما متضامنين بأن يدفعا مبلغا قدره أربعمائة ألف دينار تعويضا شاملا عما أصابهم من أضرار مادية ومعنوية جراء وفاة مورثهم مع المصاريف والأتعاب، وجاء في شرح دعواهم أن تابع الطاعن تسبب أثناء قيادته لمركبة تابعة له في قتل مورثهم خطأ، وقد دين جنائيا بحكم نهائي، ونظرا لما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية لفقدهم مورثهم عائلهم الوحيد، فقد أقاموا دعواهم تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم. والمحكمة قضت بإلزام المدعى عليهما بالتضامن بأن يدفعا للمدعين مبلغا قدره مائة وخمسون ألف دينار تعويضا لهم عن الأضرار المادية والمعنوية مع المصاريف، ورفضت ما زاد على ذلك من طلبات، وقضت محكمة استئناف طرابلس في الاستئنافين المقامين من المطعون ضدهم ومن الطاعن بقبولهما شكلا، وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت كل مستأنف مصاريف استثنافه.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1999.4.10، وأعلن للطاعن بتاريخ 1999.5.19، فقرر أحد أعضاء إدارة القضايا بتاريخ 1999.6.15 الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، وأودع مذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وبتاريخ 1999.6.17 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم في اليوم السابق. وبتاريخ 1999.7.21 أودع محامي المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بسند التوكيل، وبمستندات أخرى ذكرت مضامينها على غلاف الحافظة.
وأعدت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن خلصت فيها إلى قبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع من وجهين:-
الأول: أنه استند في إثبات ركن الخطأ بجانب تابع الطاعن عن تهمة قتل مورث المطعون ضدهم. خطأ إلى حكم جنائي غيابي ليس له قوة الأمر المقضي أمام القضاء المدني، ولا يجوز من ثم الاستناد عليه في الحكم بالتعويض، ورغم تمسك الطاعن بهذا الدفع فإن المحكمة المطعون في حكمها لم تحفل به، وهو ما يجعل حكمها معيبا بالإخلال بحقوق الدفاع وبالقصور في التسبيب.
الثاني: أسرف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في تقدير التعويض المحكوم به للمطعون ضدهم عن الضرر الأدبي، والذي يكفي لسلامة الحكم بشأنه أن يكون معقولا دونما تقتير أو إسراف، طبقا لما قررته المحكمة العليا ؛ وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا، ولكل ذلك يكون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إن وجهي النعي في غير محلهما. فبالنسبة للوجه الأول فإنه لئن كان الثابت أن الطاعن قد أثار هذا الدفع أمام المحكمة المطعون في حكمها، إلا أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المحال عليه في أسباب الحكم المطعون فيه أن تابع الطاعن قـد دين عن تهمة قتل مورث المطعون ضدهم خطأ، وذلك بموجب الحكم الجنائي الصادر حضورياً في الدعوى رقم 1739/ 94 مرور أبو سليم، الأمر الذي يضحى معه نعي الطاعن بلا أساس متعين الرفض.
و من حيث إنه عن الوجه الثاني للنعي فإنه لما كان من المقرر أن تقدير التعويض عن الضرر عموماً، والضرر المعنوي بصورة خاصة، من إطلاقات محكمة الموضوع دون رقابة عليها من المحكمة العليا، متى بينت في حكمها عناصر التعويض وأقامت قضاءها على أسباب كافية تحمل النتيجة التي خلصت إليها. وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالتعويض عن الأضرار المعنوية التي لحقت المطعون ضدهم على سند من القول: «إن في وفاة مورث المدعين ما يصيب العاطفة بالأسى والحزن ويدخل إلى القلب الغم والهم فينعكس ذلك على نفوسهم مما يولد لهم أعصاباً متوترة تنعكس على قدرتهم على الكسب والعمل بل وحتى قدرتهم على التفكير وأسلوب حياتهم، وأن المحكمة تأخذ بعين الاعتبار أن الأضرار المعنوية من الأمور الخفية التي لا يمكن إدراكها بالحس الظاهر فتقدر هذه الأضرار بالنسبة لكل واحد من الورثة بعشرة آلاف دينار »، وكان هذا التبرير لتقدير التعويض عن الضرر المعنوي الذي ساقه الحكم سائغاً ومقبولاً، بما لا يمكن معه وصفه بالمبالغة أو الإسراف، وهو ما يستوجب الالتفات عن النعي عليه في هذا الخصوص. ويكون الطعن برمته جديرا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.