Skip to main content

قانون رقم 89 لسنة 1974 م في شأن تحريم الخمر وإقامة حد الشرب

20 نوفمبر 1974

قانون رقم 89 لسنة 1974 م في شأن تحريم الخمر وإقامة حد الشرب

باسم الشعب،

مجلس قيادة الثورة،

  • نزولا على أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، واستجابة لرغبة الشعب العربي المسلم في الجمهورية العربية الليبية.
  • وتأكيداً لما تقضى به المادة السادسة من دستور اتحاد الجمهوريات العربية.
  • وبعد الاطلاع على الإعلان الدستورى.
  • و على قرار مجلس قيادة الثورة الصادر فى 9رمضان 1391 هـ الموافق 28 أكتوبر 1971 م بتشكيل لجان لمراجعة التشريعات وتعديلها بما يتفق مع المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية.
  • و على قانون مراقبة المشروبات الروحية والمواد المسكرة رقم 3 لسنة 1951 م الصادر في بنغازى بتاريخ 14 ربيع الآخر 1370 هـ الموافق 22 يناير 1951 م.
  • و على قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجنائية والقوانين المعدلة لهما.
  • وعلى ما انتهت اليه اللجنة العليا لمراجعة التشريعات وفقاً لقرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 9 رمضان 1391 هـ الموافق 28 أكتوبر 1971 م المشار إليه.
  • وبناء على ما عرضه وزير العدل وموافقة رأي مجلس الوزراء.

أصدر القانون الآتي:

الباب الأول جرائم الخمر وعقوباتها

مادة 1

تحريم الخمر

يحرم شرب الخمر وتعاطيها وحيازتها واحرازها وصنعها والتعامل فيها وتقديمها واعطاؤها واهداؤها، وذلك على الوجه المبين فى هذا القانون.

مادة 2

تعريف الخمر

يعتبر خمراً كل سائل مسكر سواء أسكر قليله أم كثيره.

مادة 3

الشروط العامة الواجب توافرها فى الفاعل

يشترط للعقاب على الجرائم المبينة بهذا القانون أن يكون الفاعل عاقلا أتم الثامنة عشرة من العمر، قاصداً ارتكاب الفعل، عن علم واختيار، بلا ضرورة أو عذر شرعى.

مادة 4

تعزير الفاعل الذي لم يتم الثامنة عشرة

استثناء من شرط السن المنصوص عليه فى المادة السابقة، إذا كان الفاعل لم يتم الثامنة عشرة، يعزر على الوجه الآتى:

  1. إذا كان قد أتم السابعة ولم يتم الخامسة عشرة، يعزر بالتوجيه والتوعية والتأنيب، ويجوز – إذا تجاوز العاشرة – تعزيره بالضرب بما يناسب سنه، وذلك في جريمتي الشرب أو السكر.
  2. وإذا كان قد أتم الخامسة عشرة يعزر بالتوجيه والتوعية والتأنيب، وبالضرب في جريمتي الشرب أو السكر ويكون الضرب جوازياً في الجرائم الأخرى.
  3. وفى الحالتين المنصوص عليهما في البندين السابقين، إذا تكرر ارتكاب الجريمة أكثر من مرة، يجوز – بالاضافة الى التعزير – ايواء الفاعل في اصلاحية قانونية المدة التي يحكم بها القاضي.

وتكون الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وحدة واحدة في خصوص التكرار.

وتعتبر التعازير المنصوص عليها فى هذه المادة من قبيل الإجراءات التأديبية.

مادة 5

حد شرب المسلم للخمر

كل مسلم شرب خمراً يعاقب حداً بالجلد أربعين جلدة.

مادة 6

تعاطى المسلم الخمر عن غير طريق الشرب

كل مسلم تعاطى ولو بغير الفم خمراً خالصة أو مخلوطة بأى وجه كان يعزر بالجلد بما لا يقل عن عشر جلدات ولا يجاوز ثلاثين جلدة.

مادة 7

حيازة أو إحراز المسلم للخمر

كل مسلم حاز أو أحرز خمراً خالصة أو مخلوطة، يعزر بالحبس مدة ستة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ديناراً لا تقل عن ولا تزيد على مائة دينار.

مادة 8

الشرب والسكر الظاهر من غير المسلم

اذا شرب أو تعاطى غير المسلم خمراً خالصة أو مخلوطة بأية صورة كانت في محل أو مكان عام أو مفتوح للجمهور، أو وجد في ذلك المحل أو المكان في حالة سكر ظاهر، يعزر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن خمسين ديناراً ولا تزيد على مائة دينار.

مادة 9

صناعة الخمر أو التعامل فيها

كل من صنع أو حضر أو أنتج أو اتجر في الخمر خالصة كانت أم مخلوطة، أو اشترك أو عاون في شيء من ذلك، أو تعامل أو توسط في التعامل فيها بأى وجه كان، يعزر بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار.

مادة 10

تقديم الخمر

كل من قدم المسلم أو اعطاه أو اهداه خمراً خالصة أو مخلوطة يعزر بالحبس مدة لا تقل عن شهرين ولا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن عشرين ديناراً ولا تزيد على خمسين ديناراً.

مادة 11

مصادرة الخمر والأدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة

يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الخمر الخالصة أو المخلوطة التي جرى ضبطها ويجرى إحراقها أو إعدامها بمعرفة عضو النيابة المختص، ويحرر محضر بذلك.

كما يحكم بمصادرة الآلات والأدوات والمواد التي استعملت فعلا في إنتاج الخمر خالصة أو مخلوطة، وكذلك وسائل النقل التي استخدمت في نقلها بقصد الاتجار فيها، ويغلق أى محل أعد لتعاطيها أو إنتاجها أو التعامل فيها ولا يصرح بفتحه إلا إذا أعد لغرض مشروع وبعد موافقة النيابة العامة.

الباب الثاني أحكام عامة

مادة 12

الإثبات في جريمة الحد

تثبت الجريمة المنصوص عليها في المادة الخامسة من هذا القانون بالإقرار أمام السلطة القضائية ولو مرة واحدة أو بشهادة رجلين أو بأية وسيلة من وسائل الإثبات الاخرى. ويراعى فى صحة الإقرار والشهادة وشروطهما اتباع المشهور في مذهب الإمام مالك.

مادة 13

نوع الجريمة المعاقب عليها بالجلد وثبات وحتمية عقوبة الحد وأثرها

تعتبر جنحة الجريمة المعاقب عليها بالجلد حداً أو تعزيراً – ويجوز حبس المتهم فيها احتياطياً.

ولا يجوز الامر بايقاف تنفيذ عقوبة الجلد حداً ولا استبدال غيرها بها ولا تخفيضها أو العفو عنها.

مادة 14

عقوبات تبعية

يترتب على صدور حكم نهائي بالإدانة في إحدى الجرائم المنصوص عليها

في هذا القانون حرمان الجاني من الحقوق والمزايا الآتية:

  1. الصلاحية لتولى أية وظيفة رئيسية أو قيادية أو البقاء فيها.
  2. حق الترشيح لأية هيئة نيابية.
  3. عدم قبول شهادته أمام القضاء إذا ثبت للمحكمة قبل النطق بالحكم انه ادين نهائياً في إحدى الجرائم المشار إليها.
  4. عدم منحه شهادة حسن السيرة والسمعة.
  5. عدم الترخيص للجاني بقيادة المركبات الآلية أو الغاء الترخيص في حالة صدوره، وتنتهى العقوبة بمضى سنة من تاريخ صيرورة الحكم بالادانة نهائياً، وذلك كله مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر.

وفى حالة تكرار الحكم على الجاني أكثر من مرتين في أية جريمة من الجرائم المشار إليها فى هذه المادة، يحرم المحكوم عليه من الحق في الترخيص بقيادة المركبات الآلية نهائياً.

وتسقط العقوبات المنصوص عليها فى البنود 1 و 2 و 3 و 4 إذا ثبتت توبة الجاني، ويعتبر تائباً اذا رد اليه اعتباره وفقاً لقانون الاجراءات الجنائية.

مادة 15

تعدد الجرائم والعقوبات

  1. اذا ارتبطت أو تعددت جرائم الجانى المعاقب عليها حداً يعاقب على الوجه الآتى: 
  • أ. إذا كانت العقوبات متحدة الجنس ومتساوية القدر وقعت عقوبة واحدة.
  • ب. وإذا كانت العقوبات متحدة الجنس ومتفاوتة القدر وقعت العقوبة الأشد.
  • ج. وإذا كانت العقوبات مختلفة الجنس وقعت جميعها.
  1. أما إذا كان من بين الجرائم المنسوبة الى الجانى جرائم أخرى معاقب عليها بموجب قانون العقوبات أو أي قانون آخر فتوقع عقوبات الحدود وفقاً لأحكام الفقرة السابقة، وذلك دون الاخلال بالعقوبات المقررة على الجرائم الأخرى.
  2. وتجب عقوبة القتل الاعدام حدا أو قصاصاً أو تعزيراً كل العقوبات الأخرى.

مادة 16

العود

تضاعف العقوبة إذا عاد الفاعل الذى جلد حدا أو تعزيرا الى ارتكاب أى من الجرائم المعاقب عليها بتلك العقوبة في هذا القانون ويحكم عليه بالعقوبة المضاعفة وبالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر اذا تكرر العود إلى ارتكاب تلك الجرائم.

أما الجرائم الأخرى غير المعاقب عليها بالجلد فتعتبر متماثلة في تطبيق أحكام العود، وتضاعف العقوبة في حالة العود إلى ارتكابها ولا يجوز الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة فى جميع الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة.

مادة 17

سقوط الجريمة بمضى المدة

تسقط الجريمة المعاقب عليها بالجلد حدا أو تعزيرا بمضى ثلاث سنوات ىمن يوم وقوعها وتنقطع هذه المدة بإجراءات الاتهام أو التحقيق أو المحاكمة، وتسرى المدة من جديد من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء.

مادة 18

انقضاء عقوبة الجلد بمضى المدة

تسقط عقوبة الجلد حدا أو تعزيرا بمضى خمس سنوات من وقت صيرورة الحكم نهائيا. ويوقف سريان المدة كل مانع يحول دون مباشرة التنفيذ.

مادة 19

تنفيذ عقوبة الجلد

لا يجوز تنفيذ عقوبة الجلد إلا إذا أصبح الحكم الصادر بها نهائياً.

و تنفذ العقوبة بعد الكشف على المحكوم عليه طبياً وتقرير انتفاء الخطورة من التنفيذ، ويتم التنفيذ في مركز الشرطة بحضور عضو النيابة المختص والطبيب المختص، ويوقف الجلد كلما كانت فيه خطورة على المحكوم عليه على أن يكمل الجلد في وقت آخر.

ويكون تنفيذ العقوبة بسوط من الجلد متوسط ذى طرف واحد وغير معقد، ويجرد المحكوم عليه من الملابس التي تمنع وصول الألم إلى لجسم ويوزع الجلد على الجسم، وتتقى المواضع المخوفة.

وتجلد المرأة جالسة وهي مستورة الجسم، ويوزع الجلد على ظهرها وكتفيها فقط.

ويؤجل تنفيذ عقوبة الجلد على الحامل إلى ما بعد شهرين من الوضع.

مادة 20

احالة

يطبق المشهور من أيسر المذاهب فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون بالنسبة الى جريمة شرب الخمر المعاقب عليها حداً، فإذا لم يوجد نص في المشهور تسرى أحكام قانون العقوبات كما تسرى أحكام قانون العقوبات فيما لم يرد فيه نص بالنسبة الى الجرائم الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون. أما بالنسبة الى الاجراءات فتطبق فى شأنها أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون.

مادة 21

الغاء

يلغى قانون مراقبة المشروبات الروحية والمواد المسكرة رقم 3 لسنة 1951 م الصادر في بنغازى بتاريخ 14 ربيع الآخر 1370 هـ الموافق 22 يناير 1951 م والمواد 497 و 497 مكرراً و 498 من قانون العقوبات الصادر في 21 ربيع الأول 1373 هـ الم افق 28 نوفمبر 1953 م وكل نص يخالف أحكام هذا القانون.

مادة 22

ثلاثين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية على جميع الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون، ويعمل به بعد.

  • مجلس قيادة الثورة
  • الرائد / عبد السلام أحمد جلود – رئيس مجلس الوزراء
  • محمد على الجدى – وزير العدل
  • صدر في 6 من ذي القعدة 1394 هـ
  • الموافق 20 من نوفمبر 1974 م

مذكرة إيضاحية للقانون رقم 89 لسنة 1974 م في شأن تحريم الخمر وإقامة حد الشرب

إن تحريم الخمر قد أورده الشارع الحكيم بنصوص بينات محكمات في كتابه الكريم، قال سبحانه وتعالى : ” يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون”. فالخمر رجس من عمل الشيطان وتعدل فى تحريمها الذبح على النصب لغير الله وهو الشرك بعينه، و لذلك فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مدمن الخمر كعابد الوثن، كما قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن فشرب الخمر نقيض الإيمان بالله تعالى، وهي كما وصفها صلوات الله عليه وسلامه أم الخبائث، وقال صلى الله عليه وسلم لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه وآكل ثمنها كل هذه الاحكام القاطعة فى الكتاب والسنة، فان الخمر أخطر ومع النكبات التي ابتليت بها الأمة الاسلامية فى عهود ضعفها وتدهورها، فقد تفشى شرب الخمر بين فئات عديدة من المجتمع الاسلامي بفعل الاستعمار الغربى الذى جثم على صدر البلاد وخطط للقضاء على ديننا وعقائدنا ببث الرذائل والشرور التي تقضى على مقومات الشخصية الاسلامية عند الفرد والجماعة، وهى مقومات تكونت على مدى قرون بفعل تطبيق الشريعة الاسلامية السمحاء واقامة حدود الله، ولا غرو ان كان القضاء على تلك المقومات من أهم مستهدفات القوى الاستعمارية التي تمكنت من بلادنا بغرض تطويع الانسان المسلم للاستجابة لمخططات المستعمر الرامية الى استغلاله هو وخيرات أرضه بعد تفريغه من أهم عناصر المقاومة، وهى الدين والخلق القويم، وقد وجد الاستعمار فى نشر الخمر وسيلته المثلى لتحقيق مآربه الخبيثة، فأقام العديد من معامل صنع الخمور في مختلف أنحاء البلاد وشجع على فتح الخمارات والملاهي حتى عمت كل مدينة وكل قرية وكل شارع، وعرض فيها مختلف أنواع الخمور بطرق مغرية تهاوت أمامها مقاومة الكثيرين، فأنتشر تعاطى الخمور وخاصة بين الشباب بشكل نتج عنه الكثير من المآسي فى التكوين العائلى وفى علاقات الناس بعضهم ببعض وكان هؤلاء أسوا قدوة لغيرهم ممن قلدوهم ظنا منهم أن معاقرة الخمر بعض خصائص المجتمعات الغربية التي تدعى التمدين، وفاتهم أن الشرب في تلك المجتمعات انما هو نتيجة طبيعية لانسحاق حياة الفرد فيها تحت وطأة المذاهب والعقائد المادية فيها، وبالتالى فالخمر حتى في تلك المجتمعات من الظواهر المرضية التي تنبىء عن تشوه وجه الحياة فيها بفعل قيامها على أساس استغلال الانسان لأخيه الانسان.

وإن القضاء على تلك الظواهر الخبيثة التي زرعها الاستعمار في واقعنا وأحاطها بسياج من الشرعية القانونية بل والاجتماعية احياناً بمحاولة نشر قيم وافكار تسند تلك الظواهر بدعوى أنها من مستلزمات الحياة العصرية، لا يكون الا بالرجوع الى مصادر شريعتنا الإسلامية. القرآن الكريم والحديث الشريف لاستلهام الحلول الحاسمة لتلك الأدواء والعلل التي أورثنا إياها الاستعمار، ولا شك أن في اعلاء كلمة الله واقامة حدوده هو الطريق الوحيد للقضاء على تلك الظواهر، وتبديد ما نسجه حولها واقع سابق مريض لهذه الأمة من قواعد قانونية أو قيم وأفكار تقوم على أساس الاغضاء عن الحق والتسامح مع الباطل، ولقد آن لكل ذلك أن ينتهي بعد أن تحررت الارادة الوطنية من كل قيد كان يكبل قدرتها لتعيد صياغة الحياة من جديد وفقاً لما هو خير وحق لها و لقد أدركت ثورة الفاتح من سبتمبر مدى الأضرار الجسيمة التي تحيق بالفرد والجماعة من جراء تعاطى الخمور فكان من اء تعاطى الخمور فكان من أول القرارات التي صدرت من مجلس قيادة الثورة في اليوم التالي لقيامها ذلك الأمر بأن : « يمنع منعاً باتاً من اليوم تعاطى الخمور أو الاتجار فيها أو بيعها أو تداولها في جميع أنحاء الجمهورية، وكل من يخالف هذا الأمر يعرض نفسه للعقاب. وكان هذا الأمر بادرة أولى تنبىء عن الرغبة في أخذ الأمور مأخذ الجد والبحث عن حلول لأصول مشاكلنا بإعادة صياغة المجتمع طبقاً لاحكام الشريعة الاسلامية السمحاء، ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 68 لسنة 1974 م بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، بأن أضيفت مادة جديدة برقم 497 مكرراً تتضمن عدداً من العقوبات التبعية توقع على شارب الخمر مبناها تحقير الشخص الذي يثبت ضعفه الخلقي والنفسي أمام إحدى الكبائر وهى شرب الخمر، وحماية المجتمع من مثل هذا الشخص بتنحيته عن الوظائف الرئيسية، والمناصب القيادية، إذ أنه لا يؤتمن على حمل مسئولية ذلك، كل هذا بقصد حث كل من تسول له نفسه شرب الخمر على ترك ذلك والتمسك بأهداف دينه والبعد عن كل ما ينال من خلقه وشرفه، على أن ذلك القانون أبقى على العقوبات الاصلية لهذه الجرائم على الوجه القائم بحسب القانون الوضعى، أى الغرامة والحبس في بعض الأحوال لمرتكبي تلك الجرائم. والمشروع المرافق يخطو الخطوة الاخيرة والحاسمة في شأن جرائم الخمر وذلك باقامة حد الشرب على الوجه الذي تحدده الشريعة الإسلامية الغراء، وهو بذلك يحيى حداً من حدود الله كان معطلا بفعل الاستعمار واتباعه، ولا شك أن ذلك مما يستجيب مع آمال كل مخلص من أبناء هذه الأمة لا يرضى لنفسه ولا لقومه أن يوصف بما تضمنه القرآن الكريم من وصف لكل من لم يحكم بما أنزل الله وبتعدى حدوده، فقد قال تعالى : “تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون”، ولقد آن للمسلمين أن يقيموا بنيانهم على أساس متين من الدين، تدبراً بقول الله تعالى ” أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فأنهار به في نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين”. ويتضمن مشروع القانون المرفق المبادئ الآتية :

أولا : تحريم شرب الخمر وتعاطيها وحيازتها واحرازها وصنعها والتعامل فيها وتقديمها وإعطائها واهدائها مادة 1 وتعريف الخمر بأنها هي كل سائل مسكر – أيا كانت المادة التي استخرج منها سواء أسكر قليله أم كثيره مادة 2.

ثانياً : يشترط للعقاب أن يكون الفاعل عاقلا أتم الثامنة عشرة من العمر قاصداً ارتكاب الفعل عن علم واختيار بلا ضرورة أو عذر مادة 3 وهي شروط مستقاة من الشريعة الإسلامية، اما اذا كان الفاعل لم يتم الثامنة عشرة من العمر وبلغ السابعة فقد وضعت له بعض العقوبات التعزيرية التي تتراوح بين التوجيه والضرب والإيداع في إصلاحية قانونية، وهي عقوبات تأديبية بحتة لا يترتب عليها ما يترتب على العقوبات الموقعة على من أتم الثامنة عشرة من العمر من آثار مادة 4.

ثالثاً : نص المشروع على معاقبة كل مسلم شرب الخمر حداً بالجلد اربعين جلدة مادة 5 أما من تعاطى الخمر ولو بغير الفم خالصة كانت أو مخلوطة فيعاقب تعزيراً بما لا يقل عن عشر جلدات ولا يجاوز ثلاثين جلدة مادة 6، والمشروع يأخذ في ذلك بما اتفق عليه جمهور الفقهاء من أن الحد يكون لجريمة الشرب، أما تعاطى الخمر بالفم بغير طريق الشرب كما لو أضيفت إليها مواد أخرى غير سائلة أو تعاطيها بغير الفم فقد اختلف الفقهاء في شأن تطبيق حد الخمر عليه، ومن ثم فقد اعتبره المشروع من قبيل الجرائم التعزيرية وعاقب عليه بالجلد تعزيراً.

وقد اعتنق المشروع الرأى القائل بأن حد الخمر أربعين جلدة وحمل ما زاد على ذلك على أنه تعزير يطبق في حالة العود حيث تصبح العقوبة الأصلية أربعين جلدة حداً يضاف إليها أربعين أخرى تعزيراً.

رابعاً : جرم المشروع جملة أفعال تتعلق بحيازة الخمر واحرازها وصناعتها و التعامل فيها وتقديمها، وذلك سداً لذرائع الفساد التي تفضي إلى جرائم شرب الخمر، فعاقب في المادة 7 كل مسلم يحوز أو يحرز الخمر خالصة أو مخلوطة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن ٥٠ ديناراً ولا تزيد 100 دينار، إذ أن الحيازة والاحراز قد تكون بقصد التعاطى أو قد تغرى به، ومن ثم وجب سد هذه الذريعة على المسلم توقياً من وقوعه في جريمة الشرب أو التعاطي، وبالمثل فقد اعقبت المادة 9 على صنع أو تحضير أو إنتاج الخمر خالصة أو مخلوطة وعلى الاتجار بها أو التعامل فيها بأى وجه كان بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 500 دينار. وذلك حتى يمتنع وجود الخمر أصلا مما لا يسمح بوقوع جرائم الشرب أو التعاطى، كما عاقبت المادة 10 كل من قدم المسلم أو أعطاه أو أهداه خمراً خالصة أو مخلوطة بالحبس مدة لا تقل عن شهرين ولا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 20 ديناراً ولا تزيد على 50ديناراً تقل عن ثلاثة أشهر.

خامساً : يعاقب المشروع غير المسلم بالحبس مدة لا تقل عن ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ديناراً ولا تزيد على 100 دينار وذلك إذا شرب أو تعاطى الخمر ولو مخلوطة في محل أو مكان عام أو مفتوح للجمهور، أو وجد في ذلك المحل أو المكان في حالة سكر ظاهر مادة 8، ذلك أنه وإن كان حد الشرب لا يقام – بحسب رأي جمهور الفقهاء إلا على المسلم إلا أن ذلك لا يعنى ترك غير المسلم بغير تعزير إذا ما شرب أو، وذلك فى الأحوال التى يكون لسكره أو شربه مظهراً خارجياً ينطوى على استخفاف واستهتار بتقاليد المجتمع المسلم وإيذاء الشعور الإسلامي العام.

سادساً : نص المشروع على مصادرة الخمور المضبوطة واراقتها أو إعدامها، وكذلك على مصادرة الآلات والأدوات والمواد التي استعملت في إنتاجها ووسائل النقل التي استخدمت في نقلها بقصد الاتجار فيه مع غلق أى محل أعد لتعاطيها أو إنتاجها أو الاتجار فيها، ولا يصرح بفتحه إلا إذا أعد لغرض مشروع وبعد موافقة النيابة العامة مادة ١١.

سابعاً :رسم المشروع فى المادة 12 طريق إثبات جريمة شرب الخمر المعاقب عليها حداً، بأن يكون بالإقرار أمام السلطة القضائية ولو مرة واحدة أو بشهادة رجلين أو بأية وسيلة من وسائل الإثبات الأخرى، ويراعى فى صحة الإقرار والشهادة وشروطهما اتباع المشهور من مذهب الإمام مالك.

ثامناً : رتب المشروع على صدور حكم نهائي بالإدانة في احدى الجرائم الواردة فيه عقوبات تبعية تتضمن حرمان الجاني من الصلاحية لتولى الوظائف الرئيسية أو القيادية أو البقاء فيها، ومن حق الترشيح لاية هيئة نيابية وعدم قبول شهادته أمام القضاء وعدم منحه شهادة حسن السيرة والسمعة وحرمانه من الترخيص بقيادة المركبات الآلية حرماناً مؤقتاً أو دائماً مادة 14 وهذه العقوبات كانت تتضمنها المادة 497 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 68 لسنة 1974 م، وقد رؤى إدماجها في المشروع في مكانها الطبيعي بين أحكامه.

تاسعاً : وبالنظر إلى أن عقوبة الجلد لم ينص عليها قانون العقوبات فقد عالج المشروع بعض الآثار القانونية المترتبة على إدخالها ضمن العقوبات المقررة، وذلك من النواحي الآتية :

  • نصت المادة 13 من المشروع على اعتبار الجريمة المعاقب عليها جلداً سواء حداً أو تعزيراً من قبيل الجنح التي يجوز حبس المتهم فيها احتياطياً، كما نصت على عدم جواز إيقاف عقوبة الجلد حداً ولا استبدال غيرها بها ولا تخفيضها أو العفو عنها.
  • أوضحت المادة 15 حكم تعدد الجرائم المعاقب عليها حداً، وحالة ارتكاب المتهم لجرائم معاقب عليها حدا وأخرى معاقب عليها بموجب قانون العقوبات، وحرصت في جميع الأحوال على تطبيق عقوبة الحد الأشد وفي حالة اختلاف جنس العقوبات المعاقب عليها حداً توقع جميعاً، على أن تجب عقوبة القتل حداً أو قصاصاً أو تعزيراً كل العقوبات الأخرى.
  • بينت المادة 16 أحكام العود في الجرائم المعاقب عليها بالجلد حداً أو تعزيراً وغيرها، ونصت على مضاعفة العقوبة في حالة العود مع عدم جواز إيقاف تنفيذ العقوبة.
  • نصت المادة 17 على المدة التي تسقط بها الجريمة المعاقب عليها بالجلد حداً أو تعزيراً وأحوال انقطاع هذه المدة، وتضمنت المادة 18 المدة التي تسقط بها عقوبة الجلد حداً أو تعزيراً وأحوال وقفها.
  • نظمت المادة 19 أوضاع تنفيذ عقوبة الجلد وذلك بالنسبة للرجل أو المرأة، ونصت على أن الجلد لا ينفذ إلا بعد صيرورة الحكم الصادر به نهائياً، وأنه يتم فى مركز الشرطة بحضور عضو النيابة وتحت إشراف الطبيب المختص الذى يكشف على المحكوم عليه قبل التنفيذ ويلاحظ حالته أثناء التنفيذ، وفصلت تلك المادة أو ضاع التنفيذ بما يكفل تطبيق العقوبة على الوجه الشرعي دون تعويض المحكوم عليه لخطورة لا لزوم لها، وخصت هذه المادة المرأة الحامل المحكوم عليها بنص مقتضاه تأجيل تنفيذ عقوبة الجلد عليها إلى ما بعد شهرين من الوضع.

عاشراً : احالت المادة 20 فيما لم يرد بشأنه نص في المشروع بخصوص جريمة شرب الخمر المعاقب عليها حداً الى المشهور من أيسر المذاهب، فإذا لم يوجد نص في المشهور تسرى أحكام قانون العقوبات، وهى تسرى ايضاً بالنسبة للجرائم الأخرى المنصوص عليها في المشروع، كما تسرى أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما لم يرد بشأنه نص خاص في المشروع.

  • محمد على الجدى – وزير العدل