Skip to main content

معنى قاعدة لا يجوز انكار المحرر الرسمي ولا يطعن به الا بالتزوير

معنى قاعدة لا يجوز انكار المحرر الرسمي ولا يطعن به الا بالتزوير

هناك قاعدة قانونية كرستها بعض النصوص القانونية المبعثرة مضمونها ان المحررات الرسمية لا يجوز انكارها ولا يطعن بها الا بالتزوير، فعلى سبيل المثال نقرأ نص المادة (380) مرافعات تقول. 

يجب الأمر بالنفاذ المعجل بغير كفالة، و لو كان الحكم فابلا للطعن بالاستئناف في الأحوال الآتية:

  1. اذا كان المحكوم عليه قد اقر بالالتزام.
  2. اذا كان الحكم قد صدر بناء على “سند رسمي لم يطعن بتزويره” 

و المادة 382 من ذات القانون ( يجوز الأمر بالنفاذ المعجل بكافة أو بدونها، و لو كان الحكم قابلا للاستئناف في الاحوال الآتية: 

1- إذا كان الحكم مبينا على سند عرفي لم يحجده المحكوم عليه، المادة 378 من القانون المدني، (الورقة الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره مالم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا).

وغيرها من النصوص القانونية والمبادئ القضائية التي تجزم بان المحررات الرسمية لا يجوز انكارها ولا يطعن بها الا بالتزوير 

اولا: الفرق بين انكار المحرر وبين الادعاء بتزويره:

من اهم الفروق بين انكار المحرر الكتابي والادعاء بتزويره انه في حالة انكار المحرر من قبل الخصم فإن عبء اثبات صحة المحرر يقع على عاتق المتمسك بالمحرر 

فاذا قدم س محررا يحتج به على ص وانكر ص هذا المحرر فيجب على س اثبات صحة المحرر وهذا لا يكون الا في المحررات العرفية 

بينما في الادعاء بالتزوير فإن عبء الاثبات يقع على عاتق مدعي التزوير

فاذا قدم س محررا يحتج به ضد ص وادعى ص ان هذا المحرر مزور فانه يجب على ص ان يثبت ان هذا المحرر مزور؛ وهذا لا يكون الا في المحررات الرسمية 

ومن اهم الفروق كذلك ان صور المحررات الرسمية تعتبر ذات حجية نسبية بينما صور المحررات العرفية لا تعتبر ذات حجية الا اذا صادق عليها الخصم واقر بها 

 اما الفرق الثالث هو ان عدم اثبات صحة المحرر العرفي لا يعني انه مزور وانما يبطل الاحتجاج به ولا يرتب اي مسئولية جنائية .. 

 بينما اذا الزمت المحكمة المتمسك بالمحرر الرسمي اثبات وقوعه في الحالات التي سنذكرها لاحقا ولم يقم باثباته فان هذا يعني ان المحرر الرسمي مزور وتترتب على ذلك مسئولية جنائية

ما معنى ان المحرر الرسمي حجة بما جاء فيه من امور؟

هناك نقطة يجب ان يدركها الجميع وهي ان المحررات الرسمية تعتبر حجة بما جاء فيها من امور في مواجهة الكافة وليس في مواجهة اطرافها فقط.. (م378م.م)

 ولكن هذه الحجية هي حجية ثبوتية وليس حجية الأمر المقضي به، بمعنى ان المحرر الرسمي يكون حجة في مواجهة الكافة في ان ما ورد فيه قد حصل فعلا، ولكن ليس له اي قوة الزام في مواجهة اشخاص لم يكونوا ضمن اطرافه وللتفصيل اقدم لكم مثالا بسيطا لتقريب الصورة الى اذهانكم.

اذا سئل شخص احدكم وقال له الحكم كمحرر رسمي، هل يعتبر حجة على الكافة؟

الجواب هو نعم، الحكم كمحرر رسمي يعتبر حجة على الكافة .. ولكن هذه الحجية حجية ثبوتية لا حجية الامر المقضي، بمعنى ان الحكم بحدود البيانات والوقائع والاجراءات التي وردت فيه يعتبر حجة قبل الكافة ولكن قوته الالزامية والتنفيذية تنحصر باطرافه.

فمثلا 

  • قام محمد برفع دعوى ملك ضد علي امام محكمة شمال طرابلس.
  • بتاري 2000/7/7 عقدت اول جلسة.
  • حضر المدعى عليه علي وتحققت المحكمة من هويته من واقع بطاقته الشخصية .
  • في الجلسة انكر علي الدع.
  • بجلسة 8-8-2021 قدم محمد ادلته وكانت عبارة عن محرر شراء مؤرخ 1999م مضمونه شرائه من سعيد لموضع النزاع.
  • بجلسة 9-9-2021 قدم محمد شهود على قيام علي بوضع يده على الارض المدعى بها وان هذه الارض ملك محمد.
  • بجلسة 10-10-2021 اصدرت المحكمة حكمها بالزام علي بتسليم الموضع المتنازع عليه للمدعي.
  • اذا ركزوا على هذه النقطة التي سأذكرها لكم.

الحكم موقع عليه من قاضي محكمة شمال طرابلس ومختوم بختم المحكمة اذا محرر رسمي وهو حجة على الكافة من حيث الآتي:

  1. أن محمد فعلا رفع دعوى ضد علي بالتاريخ المذكور بالحكم
  2. ان علي حضر شخصا وان المحكمة تحققت من هويته فعلا.
  3. ان علي فعلا انكر الدعوى وان محمد قدم مستنده فعلا ثم احضر الشاهدين المدونة اسمائهم وصفاتهم بالحكم 
  4. ان المحكمة فعلا اصدرت الحكم ضد علي وان الحكم فعلا صدر بتاريخ 11-11-2021.

وان القاضي الذي اصدره هو القاضي فلان بن فلان حسب ماهو مكتوب بالحكم ولا يستطيع احد ينكر وجود قاضي بهذا الاسم او ان يقول ان هذا القاضي بهذا التاريخ كان قد مات 

الحكم قال ان محمد قدم محرر شرائه للمحكمة فهذا يعني انه فعلا قدم محرر شرائه ولا يستطيع احد ان ينكر ذلك حتى من لم يكن طرفا في الحكم.

الحكم قال ان علي حضر الى المحكمة و انكر الدعوى فهذا يعني ان علي فعلا حضر الى المحكمة وانكر الدعوى ولا يستطيع احد ان ينكر ذلك حتى من لم يكن طرفا في الحكم.

واي شخص ينكر حصول اي واقعة من هذه الوقائع فليس امامه الا ان يقول ان هذا الحكم مزور.

فحجية الحكم كمحرر رسمي قبل الكافة تعني ان ما ورد في الحكم من امور يحكي انها حدثت فان هذه الحجية تعني ان هذه الامور قد حدثت فعلا، بالشكل والطريقة وبالتاريخ التي ذكرها الحكم نفسه.

 فاذا كان احد يقول ان بعض مما ذكر في الحكم لم يحدث فليس امامه الا ان يقول ان الحكم مزور فقط، لا يستطيع ان ينكر الحكم لانه محرر رسمي، واذا كان ينازع ان الوقائع التي ذكرت في الحكم لم تقع فليس امامه الا ان يطعن بتزوير الحكم، اي ان يقول ان هذا الحكم مزور .

فاذا وجد حكم قضائي قد صدر قبل 50 سنة يحكي ان محمد رفع دعوى ضد علي فهذا يعني ان محمد فعلا رفع دعوى ضد علي ولا استطيع انا او انت او اي شخص ينكر ان محمد رفع دعوى ضد علي.

وهذه هي الحجية المقصودة في المادة 378 من قانون المدني.

ولا علاقة لها بحجية الامر الامر المقضي التي يقتصر اثرها على اطرافها، والقوة الثبوتية هنا لها فائدة كبيرة من نواحي متعددة اهمها، اذا وجد شخص ادلى بشهادة امام محكمة قبل خمسين سنة ثم توفي هذا الشاهد واراد شخص بعد خمسين سنة ان يستشهد بشهادة الشاهد المذكور بنزاع اخر امام محكمة اخرى فليس عليه الا ان يحضر الحكم الذي وردت به شهادة الشاهد المذكور ليستدل بها في النزاع الجديد المطروح امام هذه المحكمة.

وهنا لا يستطيع الخصم ياتي ويقول انا لست طرفا في ذلك الحكم, لذلك الحجية الثبوتية للحكم هي باختصار ان ما ورد ذكر وقوعه بالحكم يعني انه قد وقع فعلا .. ولا يستطيع احد ان ينكر ذلك.

اما عن حجية الحكم التنفيذية والتي اطلق عليها القانون حجية الأمر المقضي فهي قاصرة بين اطراف المحرر الرسمي.

لذلك فان المحررات الرسمية .. بما فيها الحكم القضائي ايا كان نوعه .. له حجية قبل الكافة .. حجية ثبوتية .. بمعنى له قوة في اثبات الوقائع والبيانات الواردة فيه.

لذلك ركزوا في المادة 378 من قانون المرافعات التي تنص على(الورقة الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ءوي الشأن في حضوره …)

هذا يعني انه اذا قال الحكم ان محمد حضر الجلسة فذلك يعني حتما انه حضر وان المحكمة تحققت من شخصيته.

واذا ورد في شهادة احدكم الجامعية انه تخرج عام 2021 م من الجامعة بمعدل 85٪ فلا يستطيع احد ان ينكر انك تخرجت عام 2021 وبنفس المعدل المدون في الشهادة.

اذا الحجية الثبوتية تنصب على ما جرى وما حدث من امور قام بها “محررها” او وقعت من ذوي الشأن “بحضوره” 

متى يكون المحرر الرسمي محلا للانكار؟ 

المحررات الرسمية تعتبر لها حجة في الاثبات طبقا لمقدمة نص المادة ١٠٠ من قانون الاثبات وذلك وفقا لما فصلناه آنفا.

لكن اذا دققنا في العبارة الواردة نهاية المادة المذكورة نجدها تقول(… ما لم ينكرها الخصم فيتعين اثباتها بالطرق الشرعية او يتبين تزويرها) هذا يعني ان المحرر الرسمي قد يكون في حالات معينة محلا للانكار المحض الذي يترتب عليه الزام المتمسك به باثبات صحته فان لم يثبت صحته فذلك يعني ثبوت تزوير المحرر الرسمي.

هذه الحالات حددتها المواد 379 و 380 مدني واذكر لكم النصوص اولا المادة 379: 1/ إذا كان اصل المحرر الورقة الرسمية موجودا فان صورتها الرسمية خطية كانت أو فوتوغرافية تكون حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل.

 وتعتبر الصورة الرسمية مطابقة للأصل مالم ينازع في ذلك أحد الطرفين وفي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل.

مادة 380 :إذا لم يوجد اصل الورقة الرسمية كانت الصورة حجة على الوجه الآتي :

  1. تكون للصورة الرسمية الأصلية تنفيذية كانت أو غير تنفيذية حجية الأصل متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل.
  2. يكون للصورة الرسمية المأخودة من الصور الأصلية الحجية ذاتها ولكن يجوز في هذه الحالة لكل من الطرفين أن يطلب مراجعتها علـى الصورة الأصلية التي أخذت منها.
  3. أما ما يؤخذ من صور رسمية للصورة المأخوذة من الصور الأصلية فلا يعتد به إلاَّ لمجرد الاستئناس تبعا للظروف .

من هذه النصوص يتبين ان المحرر الرسمي يكون محلا للانكار في الحالات التالية:

  1.  اذا كان المحرر الرسمي عبارة عن صورة لكن اصل هذه الصورة موجود لدى المتمسك بالمحرر وبالامكان مطابقتها على الاصل.. فاذا حضر شاهد ليدلي بشهادته امام القاضي وتقدم بصورة بطاقته الشخصية ولم يقدم الاصل فان هذه الصورة تقبل الانكار وبامكان المحكمة رد الشاهد.. فاذا قدم الشاهد ان اصل بطاقته تم احتجازها في بوابة المحكمة للاشتباه في امره من قبل امن المحكمة وتاكد ذلك للمحكمة كان لها ان تطابقها على الاصل ثم تصبح الصورة حكمها حكم الاصل

    والاصل هنا ان الصورة مطابقة للأصل الا اذا انكرها الخصم.. ولذلك قالت المادة 379(..وتعتبر الصورة الرسمية مطابقة للاصل مالم ينازع بذلك احد الطرفين)
  2.  ان يكون المحرر الرسمي عبارة عن صورة واصل هذه الصورة غير موجود اما بسبب فقدانه او بسبب تلفه فيكون هنا للمحرر الرسمي حجية نسبية ويجوز انكاره ويتعين اثبات صحته بالرجوع الى الجهة التي اصدرته للتاكد من بياناته لديهم من واقع السجلات المحفوظة ويتم التأشير عليه بانه فعلا صادر عن الجهة المنسوب اليها..محكمة بالنسبة للحكم القضائي..الاحوال المدنية بالنسبة للبطاقة الشخصية.. الجامعة بالنسبة للشهادة الجامعية.. وهكذا..

    فان عجز المتمسك بالمحرر عن اثباته فلا حجية له.. ويعتبر المحرر مزور ولكن لا يكون بالامكان تحريك الدعوى الجنائية بسبب عدم وجود الاصل.
  3. ان يكون المحرر الرسمي عبارة عن صورة مصادق عليها انها طبق الاصل، ولكن هذه الصورة ليست مأخوذة من الاصل مباشرة، وانما ماخوذة من صورة طبق اصل اخرى، وصورة ذلك ان يقوم احدكم بتصوير الحكم من واقع اصله ويتم ختم الصورة بختم طبق الأصل، ثم يقوم باعادة التصوير من الصورة طبق الاصل ويقوم بختم صورة الصورة بختم طبق الاصل مرة اخرى. 

وهذه الحالة هي التي اشارت لها الفقرة ب من المادة 380 مدني فتكون هذه الصورة قابلة للانكار..وما المطالبة بمطابقتها على الصورة الماخوذة منها الا لاثبات صحتها.. ونحن لا نكون بحاجة لاثبات صحتها الا اذا انكرها الخصم.

هذا شرح بسيط ومختصر لحجية المحررات الرسمية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *