الطعن المدني رقم 398 /47 ق
بالجلسة المنعقدة علنا صباح يوم الخميس 11 ربيع الثاني الموافق 1373/5/19 و.ر – 2005 مسيحي بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس.
الحضور
برئاسة المستشار الأستاذ: حسین مختار البو عیسی “رئيس المحكمة ” وعضوية المستشارين الأساتذة: أحمد الطاهر الزاوي – محمود أحمد مرسی على سالم العلوص – سالم خلیفة النعاجی – یوسف مولود الحنيش فتحی عریبی دهان – عبد الحفيظ عبد الدائم الشريف – محمد ابراهيم الورفلي فرج يوسف الصلابي – سعيد على يوسف – المقطوف بلعيد أشكال ع زام على الديب – جمعة صالح الفيتوري – الطاهر خليفة الواعر على مختار الصقر – صالح عبد القادر أبو زيد – أحمد السنوسى الضبيع محمد عبد السلام العيان – د.جمعة محمود الزريقي – الشريف على الأزهرى المبروك عبدالله الفاخری- د.سعد سالم العسبلي.وبحضور المحامي العام بنيابة النقض الأستاذ: جبريل الفيتوري بن صالح.ومسجل المحكمة الأخ: جمعة محمد الأشهر،
الملخص
أصدرت القرار الآتي في الطلب المعروض بالطعن المدني رقم 47/398 ق بشأن تحديد المحكمة المختصة بدعاوى التعويض عن إصابة العمل بسبب مخالفة رب العمل لأحكام قانون الأمن الصناعي والسلامة العمالية بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة ورأي نيابة النقض وبعد المداولة.
الوقائع
أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 289 لسنة 1995 ف أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية على شركة البريقة لتسويق النفط ” الطاعنة ” وآخرين قائلين في بيانها:- إن مورثهم – والدتهم – كانت تعمل لدى الشركة المدعى عليها منذ تاريخ 1987/12/1 ف، وبتاريخ 1989/2/6 ف و بتقصير من الشركة المدعى عليها الأولى في اتخاذ إجراءات الأمن الصناعي أصيبت بإصابة عمل أثناء قيامها بأعمال وظيفتها وبسببها نشأ عنها بتر ساقيها وعانت من المرض حتى توفيت بتاريخ 1992/3/5 ف، وأظهر تابعو الشركة المدعى عليها الأولى إهمالا كبيرا في علاجها، وطلبوا إلزام المدعى عليهما بأن يدفعا لهم مبلغ مائة ألف دينار جبرا للضررين المادي والمعنوي الذي لحقهم من جراء وفاة مورثتهم نتيجة إصابة العمل، فقضت المحكمة بإلزام المدعى عليه الأول بمبلغ قدره أربعون ألف دينار للمدعي بصفته تعويضا شاملا عن الضرر المادي والأدبي الذي أصاب القاصرين بسبب وفاة مورثتهما، ومبلغ عشرة آلاف دينار لكل واحد من المدعيين الثاني والثالث تعويضا عن الضرر الأدبي بسبب وفاة والدتهما، وبرفض ما زاد على ذلك، فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
قرر محامي الشركة الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها تحت رقم 398 لسنة 47 ق ناعية عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أن المحكمة المطعون في حكمها لم تثبت خطأ الشركة الطاعنة وأن الوفاة كانت بسبب العمل، ولم ترد على الدفع بالتقادم، وأنها قضت بالتعويض عن الضررين المادي والأدبي دون بيان عناصر هما.تحدد لنظر الطعن جلسة 2004/12/19 أمام الدائرة الرابعة المدنية و حجز للحكم بجلسة 2005/1/2 ف وتبين أثناء المداولة أنه صدر عن هذه المحكمة حكم بتاريخ 2001/5/7 ف في الطعن المدني رقم 395 لسنة 43ق قرر أن دعوى التعويض عن إصابة العمل التي تحدث للعامل نتيجة التقصير في اتخاذ إجراءات الأمن الصناعي والسلامة العمالية تختص بها المحكمة الابتدائية لأن قانون الأمن الصناعي والسلامة العمالية يعاقب رب العمل ليس على الإصابة التي تحدث للعامل وإنما على مخالفة أحكامه حتى في حالة عدم وقوع إصابات بالعاملين معه، في حين قرر الحكم الصادر في الطعن المدني رقم 196 لسنة 45 ق الصادر بتاريخ 3/4/9 200ف وغيره من المبادئ التي صدرت بعده أن دعوى التعويض عن إصابة العمل نتيجة تقصير رب العمل في اتخاذ إجراءات الأمن الصناعي والسلامة العمالية تختص بنظرها المحكمة الجزئية اختصاصا استثنائيا وفقا للفقرة الرابعة من المادة 43 من قانون المرافعات مما ترتب عليه وجود تعارض بين هذين الاتجاهين، فقررت الدائرة المدنية الرابعة إحالة الدعوى إلى الدوائر مجتمعة لرفع هذا التعارض، وطلبت العدول عن المبدأ الذي قرر أن دعوى التعويض عن إصابة العمل الناتجة عن تقصير رب العمل في اتخاذ إجراءات الأمن الصناعي والسلامة العمالية هو من اختصاص المحكمة الابتدائية وفقا للقواعد العامة والالتزام بالمبادئ التي قررت أن دعوى التعويض عن هذه الإصابات تختص بها المحكمة الجزئية اختصاصا استثنائيا مهما بلغت قيمة الدعوى وفقا للفقرة الرابعة للمادة 43 من قانون المرافعات.
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى الأخذ بالمبدأ الذي يقرر أن دعوى التعويض عن إصابة العامل هو اختصاص جزئي وبالجلسة المحددة لنظر الطلب أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث أن المادة 1 من القانون رقم 93 لسنة 1979 بشأن الأمن الصناعي والسلامة العمالية تنص على أن: ” يلتزم صاحب العمل أيا كان مجال نشاطه باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية عماله و من يتواجد منهم أو من الغير في أماكن العمل من أخطار العمل وأضراره، والأمراض التي تنشأ عنه، وذلك وفقا للأحكام المبينة في هذا القانون ” وتنص المادة 2 من ذات القانون على أن:- ” على صاحب العمل الذي تقتضي صناعته أو مهنته استخدام آلات أو أدوات تعرض من يستخدمها أو يقترب منها للإصابة بمختلف درجاتها، أن يتخذ جميع الاحتياطات الكفيلة بدرء أخطار هذه الآلات أو الأدوات سواء ما تعلق من هذه الاحتياطات بتحقيق سلامة العامل الذاتية أم تحقيق الأمان في مكان العمل ويكون ذلك بتوفير وسائل الوقاية التي تتخذ وفقا للأصول والمواصفات الفنية ” وتنص المادة 19 منه على أنه:- ” مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تقل عن مائتي دينار، أو باحدى هاتين العقوبتين، فاذا ترتب على وقوع المخالفة إصابة أحد العاملين بالمنشأة أو أحد المتواجدين بها كانت العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين، وغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، فإذا أدت الإصابة إلى الوفاة كانت العقوبة الحبس “.
و مفاد هذه النصوص أن إصابة العمل التي تلحق العامل نتيجة تقصير صاحب العمل في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال من أخطار العمل تعتبر جنحة وفقا لنص المادة 59 من قانون العقوبات، وحيث إن المادة 43 من قانون المرافعات تنص على اختصاص المحكمة الجزئية بالحكم في بعض الدعاوى مهما تكن قيمتها، ومن بينها دعاوى التعويض عن ارتکاب جنحة أو مخالفة مما يدخل في الاختصاص الجنائي للمحكمة نفسها، فإن مؤدى ذلك أن الاختصاص بنظر دعوى التعويض عن الضرر الذي يصيب العامل بسبب مخالفة رب العمل لأحكام قانون الأمن الصناعي والسلامة العمالية ينعقد للمحكمة الجزئية مهما تكن قيمة الدعوى.
الحكم
فلهذه الأسباب قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة العدول عن المبدأ الذي قرره الحكم الصادر في الطعن المدني رقم 395 لسنة 43ق بأن الاختصاص بالتعويض عن إصابة العمل بسبب مخالفة رب العمل لأحكام قانون الأمن الصناعي والسلامة العمالية ينعقد للمحكمة الابتدائية، و الأخذ بالمبدأ الذي قرره الحكم الصادر في الطعن المدني رقم 196 لسنة 45 ق من أن الاختصاص في هذه الحالة ينعقد للمحكمة الجزئية.