Skip to main content

منشور رقم 1 لسنة 2025 م بشأن الأوامر على عرائض

3 مارس 2025

منشور رقم 1 لسنة 2025 م بشأن الأوامر على عرائض

المجلس الأعلى القضاء،

دأبت الكثير من المحاكم في الآونة الأخيرة على إصدار أوامر على عرائض في كل الأمور، كبيرها وصغيرها، دون تمييز بين الأحوال التي يجوز فيها إصدار أمر على عريضة، وغيرها من الأحوال التي يتعين فيها على طالب استصدار الأمر رفع دعوى بالطرق العادية المعروفة في قانون المرافعات. وقد تجاوز السادة قضاة المحاكم في هذا الشأن كل التوقعات، فباتت هذه الأمور تصدر منهم في كل المسائل، ومنها على سبيل المثال الأمور المتعلقة بعمل المصارف التجارية، ومصرف ليبيا المركزي، بل مست هذه الأوامر حتى سير عمل الوزارات بالتكليف بالمناصب الإدارية، وتدخلت حتى في الشؤون البرلمانية، وأربكت عمل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وقد ضجت أروقة إدارة التفتيش على الهيئات القضائية بأصوات الشاكين من صدور هذه الأوامر في غير أحوالها، وعن غير من خولهم القانون الحق في إصدارها، ودون مراعاة الإجراءات التي نص عليها القانون.

وقد دعا ذلك إدارة التفتيش من قبل إلى إصدار المنشورات أكثر من مرة، ومنها المنشور رقم 2 لسنة 2018، أوضحت فيه أحوال إصدار الأمر على العريضة، وعمن يصدر ذلك الأمر، وطريق التظلم منه، وواجبات قلم كتاب المحكمة. ثم ثنت إدارة التفتيش بمنشور ثان تحت رقم 4 لسنة 2022، ثم بمنشور ثالث تحت رقم 2 لسنة 2024.

وإدارة التفتيش إذ تشير إلى منشوراتها السابقة بالخصوص، فإنها تعيد التذكير بما ورد فيها من أحكام للالتزام بها، وهذه الأحكام هي:

  1. السبيل في شأن طلب الحماية القضائية للحقوق والمراكز القانونية: إنما يكون عن طريق رفع الدعوى، وأن اللجوء إلى وسيلة الأوامر على العرائض، هو استثناء، لا يجوز سلوكه إلا في الأحوال التي يصرح فيها المشرع بذلك. وقد عبر المشرع عن ذلك صراحة بقوله في صدر المادة 293 مرافعات في الأحوال التي يكون فيها للخصم وجه في استصدار أمر. وقد تأكد هذا المعنى من خلال تتبع نصوص القانون، إذ يبين المشرع تلك الأحوال بالنص عليها صراحة في كل مرة يسمح فيها باتخاذ ذلك الإجراء، ويؤخذ من ذلك أنه إذا ما غاب النص على إمكان طلب إصدار أمر في شأن معين، امتنع على المحاكم إصداره.
  2. وسيلة اتصال المحاكم بالمنازعات: إنما يكون عن طريق الدعوى وليس الأمر على العريضة.
  3. إن الاختصاص بنظر الأوامر على العرائض: عموماً ينبغي التقيد فيه بما ورد في المادة 25 مرافعات، من تحديد المقصود بقاضي الأمور الوقتية. ففي المسائل التي من اختصاص المحكمة الابتدائية، ينعقد الاختصاص بها لرئيس المحكمة الابتدائية، أو من يقوم مقامه وفقاً لما حددته المادة 55 من قانون نظام القضاء رقم 6 لسنة 2006، إلا في الأحوال التي يصرح فيها المشرع باختصاص رئيس المحكمة أو القاضي الجزئي خلافاً لما ورد في المادة المذكورة آنفاً. وفي كل الأحوال، لا يجوز للجمعية العمومية للمحكمة أن تسند هذا الاختصاص لأي قاض آخر خلافاً لما تقرره المادة 25 مرافعات، أو النصوص الخاصة بكل حالة يصرح المشرع فيها بتحديد المختص بإصدار الأمر.
  4. كما ينبغي التقيد بقواعد الاختصاص المحلي: ينبغي التقيد بقواعد الاختصاص المحلي عند نظر طلب إصدار الأمر على عريضة، ولا يحول دون ذلك كون الاختصاص المحلي ليس من النظام العام، حيث يمتنع على المحاكم أعمال قواعده من تلقاء نفسها بحجة أن الأمر يصدر في غيبة المعروض ضده، وبالتالي لا يوجد من يتمسك بهذا الدفع. لأن القاعدة أن الغائب لا يُنتسب إلى التقصير. وقد قضت المحكمة العليا بذلك في الطعن المدني رقم 46 / 18ق بجلسة 18 / 4 / 1972 بقولها (إذا قصر المدعى عليه في إثارة الدفع بعدم الاختصاص القيمي أمام الدرجة الأولى، لا يكون له الحق في إثارته أمام محكمة الدرجة الثانية، إلا أن ذلك مشروط بحضور المدعى عليه إحدى الجلسات). أما إذا لم يحضر أصالة، فلا يصدق عليه وصفه بالتقصير، بل يكون له طبقا لما هو مقرر فقهًا وقضاءً الحق في إثارة الدفع بعدم الاختصاص القيمي أو عدم الاختصاص المحلي أمام محكمة الدرجة الثانية إذا غاب عن حضور جلسات محكمة الدرجة الأولى. وصدر عليه الحكم غيابياً، فقد يكون له العذر في الغياب وقد يكون مطمئنًا لحرص المحكمة على تحقيق قيمة الدعوى، والقاضي ولي الغالب ولا يتصور أن يتوافر رضا ضمني على الاختصاص القيمي في حالة غياب المدعى عليه. وما قالته المحكمة العليا في هذا الطعن يصدق على الاختصاصين القيمي والمحلي بالنسبة للأوامر الولائية. إذ لا يتصور وجود رضا ضمني من غالب، كما أن القاضي ولي من لا ولي له، والمعروض ضده لا ولي له في الأمر المعروض لأنه مغيب بحكم القانون. فلا يُنسب له تقصير ولا يُحمل عليه تبعة عدم إثارة الدفع بهما. وبذلك ينتقل العبء إلى قاضي الأمور الوقتية في شأن تحري مسألة الاختصاص المحلي والقيمي في الأوامر الولائية، وإعمال آثارهما في شأن ما يعرض عليهم.

إن استغلال الوضع السياسي للدولة، وما تعانيه من انقسام في مؤسساتها لتبرير إصدار تلك الأوامر بالمخالفة للقانون، بعد إساءة وتفريط في واجب إقامة العدل بين المتقاضين، وخروجاً صريحاً على أحكام القانون، كما من شأنه أن يسيء إلى السلطة القضائية، ويحملها تهمة الانحياز وفقدان الحيدة. وإن إدارة التفتيش لن تدخر جهداً في متابعة ما يصدر عن المحاكم في هذا الخصوص، واتخاذ ما يلزم من إجراء في حق من يسيئون العمل بمخالفة ما تقدم، وممارسة حقها في إقامة الدعوى التأديبية على من يقدمون على مثل تلك الأعمال.

  • صدر بتاريخ 2025/03/03 م
  • المستشار/ سالم محمد برقان
  • وكيل إدارة التفتيش على الهيئات القضائية

إذا وجدت أي خطأ في هذه الصفحة فيرجى الإبلاغ عنه باستخدام النموذج التالي.

02. Report an Issue
أختر نوع التصحيح