لمحة عن القانون رقم 10 لسنة 2023: تطورات التحكيم التجاري الليبي وأثرها على بيئة الأعمال
تعتبر المنازعات التجارية أمراً شائعاً في عالم الأعمال، وقد تؤدي إلى تعطيل النشاط التجاري وتكبيد الأطراف المتنازعة تكاليف وخسائر كبيرة. لذلك، يعد التحكيم وسيلة فعالة ومرونة لحل المنازعات التجارية، إذ يمكن أن يوفر تسوية سريعة ونزيهة للخلافات دون الحاجة إلى اللجوء إلى المحاكم التقليدية.
في هذا السياق، أصدر مجلس النواب الليبي قانون رقم 10 لسنة 2023 م بشأن التحكيم التجاري الليبي، الذي جاء لتنظيم الإجراءات والأحكام المتعلقة بالتحكيم في النزاعات التجارية على المستوى المحلي والدولي. يهدف القانون إلى توفير إطار قانوني واضح وموحد للتحكيم، يسهل على الأطراف المتنازعة الوصول إلى حلول سريعة وفعالة لمنازعاتهم، ويحقق استقراراً قانونياً يشجع على الاستثمار وينعش النشاط التجاري.
ينقسم القانون إلى عشرة أبواب تتناول مختلف جوانب التحكيم التجاري، بدءاً من الأحكام العامة واتفاق التحكيم وصولاً إلى تشكيل هيئة التحكيم وإجراءات التحكيم وصدور الحكم التحكيمي والاعتراف به وتنفيذه. كما يتناول القانون أيضاً التحكيم الإلكتروني وإدارة جلسات التحكيم الإلكتروني وصدور حكم التحكيم الإلكتروني وتوثيقه والطعن به.
يعتبر قانون رقم 10 لسنة 2023 م بشأن التحكيم التجاري الليبي خطوة مهمة في تطوير البيئة القانونية والتجارية في ليبيا، حيث يسعى إلى تعزيز ثقة المستثمرين والتجار في النظام القضائي الليبي وتحسين مناخ الاستثمار والأعمال. من خلال توفير إطار قانوني موحد وسلس للتحكيم التجاري، يساهم القانون في تبسيط عملية حل المنازعات وتقليل التكاليف والوقت المستغرق، مما يعود بالنفع على الأطراف المتنازعة ويدعم الاقتصاد الوطني.
يأتي هذا القانون كتوجيه للمراكز التحكيمية في ليبيا لتطبيق معايير وقواعد عمل تتوافق مع الممارسات الدولية المعترف بها والمعتمدة في مجال التحكيم التجاري، بما يعزز موقع ليبيا كوجهة جذابة للمستثمرين والشركات الراغبة في تنفيذ مشروعات تجارية.
وفي ضوء ما سبق، يمثل قانون رقم 10 لسنة 2023 م بشأن التحكيم التجاري الليبي إنجازاً قانونياً هاماً يتيح لليبيا الاستفادة من تجارب الدول الأخرى والتوجهات الحديثة في مجال التحكيم التجاري. كما يعكس القانون التزام ليبيا بالتطوير المستمر للبيئة التجارية والاستثمارية ودعم النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة في نظامها القضائي.
التحيكم الدولي يشبه الي حد كبير التحيكم الشعبي او لجنة فض المنازعات
إذا كان حكم التحكيم يخالف النظام العام في مفهوم القانون الدولي الخاص، ولا يجوز تقديم طلب الإبطال بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ طلب الطعن في حكم التحكيم، فإن مخالفة حكم التحكيم الأجنبي للنظام العام يعد سبباً من أسباب رفض التنفيذ، لأنه يشكل حماية للنظام الداخلي للدول من أي تهديد. معظم التشريعات الوطنية للدول والاتفاقيات الدولية جعلت مخالفة النظام العام سبباً من أسباب رفض تنفيذ الأحكام الأجنبية.
في الواقع، أن وجهة نظرنا تختلف تماماً عما نص عليه المشرع في المادة السابقة، وذلك لأن فكرة النظام العام هي فكرة وطنية خالصة. بالرغم من التطور الذي حدث لنظام التحكيم على الصعيد الدولي والداخلي في سبيل توحيد القواعد المطبقة على هذا النظام وإجراءات نفاذ أحكامه عبر الدول، إلا أن القوانين الوطنية لازالت المرجع الأهم في هذا الصدد، وخصوصاً فكرة النظام العام كمبرر لسبب رفض تنفيذ الحكم.
يمكننا القول بأن فكرة تحول النظام العام إلى نظام عام دولي وإن كانت هدفاً منشوداً، إلا أنه لا يمكن الجزم بوجوده. وإن وجدت، فما هي الجهة التي ستطبقه؟ لأن المحكمة وهي تعمل بفكرة النظام العام إنما تهدف إلى حماية نظام الدولة التي تتبعها. وإن فسرته تفسيراً دولياً، فهو في الأساس نظام موجه لحماية الدولة المطلوب فيها التنفيذ. فما هي المحكمة المنوط بها حماية النظام الدولي؟ وهل وجود اتفاقيات دولية ونماذج وقوانين خلق نظام عام لحماية القواعد الواردة في هذه الوثائق؟
وأن سلمنا فرضاً بذلك، فإن هذه الحماية ستصبح موجهة إلى الدول المتعاقدة التي تسري عليها أحكام هذه الاتفاقيات، أما الدول غير المنضمة فيفترض أنها متمسكة بقواعدها وقوانينها الداخلية.
حقيقة أن المدة المنصوص عليها في المادة 62 بأن على رئيس محكمة الاستئناف أن يصدر أمره بالتنفيذ في مدة أقصاها يومان من تاريخ تقديم طلب التنفيذ غير كافية من وجهة نظرنا، وهذه المدة يمكن إعمالها فيما لو كان التحكيم وطنياً، أما بالنسبة لحكم التحكيم الأجنبي فإن هذه المدة غير كافية للتحقق من شروط تنفيذ الأحكام الأجنبية سواء الواردة في قانون المرافعات كقواعد عامة أو في قانون التحكيم الليبي كقانون خاص، وأن التحقق من شرط التبادل يعد أمراً في غاية الأهمية لأن القاضي مطالب بالبحث في تشريعات دول أخرى للتأكد من سماحها بتنفيذ أحكام دولته، وأيضاً للتحقق من عدم تعارض الحكم الأجنبي مع الأحكام التي سبق صدورها من القضاء الوطني، كل هذه المسائل تتطلب من قاضي التنفيذ بذل الكثير من الجهد والوقت.