طبيعة الكتابة في اتفاق التحكيم
طبيعة الكتابة في اتفاق التحكيم
تقضي المادة 742 من قانون المرافعات الليبي بأنه ( لا تثبت مشارطة التحكيم إلا بالكتابة).
و المادة 12 من قانون التحكيم المصري (يجب ان يكون اتفاق التحكيم مكتوبا و الا كان باطلا) ، و المادة 6 من قانون التحكيم التونسي ( لا تثبت اتفاقية التحكيم إلا بكتب).
يتبين من النصوص السابقة، أن قانون المرافعات الليبي و قوانين التحكيم في مصر و تونس و غيرهم من القوانين العربية متفقة على ان اتفاق التحكيم يجب ان يكون مكتوبا، و كما هو مبين في قانون المرافعات الليبي و قانون التحكيم التونسي، فإن الكتابة في اتفاق التحكيم هي شرط إثبات و ليست شرط انعقاد، و في القانون المصري فإن الكتابة شرط انعقاد و ليس شرط إثبات.
على أي حال، لا يوجد أثر يذكر لهذه التفرقة في الحياة العملية بالنسبة للتحكيم، سواء قلنا إن الكتابة هي لانعقاد الاتفاق أو لإثباته، فالنتيجة العملية واحدة، إذ يندر أن يكون هناك ادعاء بوجود اتفاق تحكيم شفوي، و يحاول المدعي إثباته بشهادة الشهود مثلا، أن ادعاء كهذا يكاد يكون معدوما في الحياة العملية،وحسب القواعد العامة في الإثبات؛ فإنه يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة ( نص المادة 389 من القانون المدني) وعليه يجوز الاثبات بشهادة الشهود أو باقرار المدعى عليه أو اليمين الحاسمة فيما كان يجب إثباته بالكتابة.
ولكننا نرى عدم تطبيق هذه القاعدة العامة على الإثبات في اتفاق التحكيم للعديد من الأسباب:
- أن صيغة النص على اشتراط الكتابة في اتفاق التحكيم، جاءت جازمة بأن مثل هذا الاتفاق (لا يثبت إلا بالكتابة) مما يعني أنه لا يجوز الاستعاضة عن الإثبات بالكتابة، بأي وسيلة إثبات أخرى.
- إن مختلف الإحكام القانونية الأخرى الخاصة بالتحكيم، تدل بوضوح على ان الاتفاق يجب أن يكون مكتوبا، مثال ذلك ما نصت عليه المادة 760 على ان حكم التحكيم يجب ان يكون مكتوبا، و يجب ان يتضمن صورة من مشارطة التحكيم، بل ذهب المشرع الليبي في الفقرة الخامسة من المادة 769 الي بطلان الحكم إذا لم يراع هذا البيانات، و ما نصت عليه ايضا المادة 763 على انه لا يصير حكم المحكمين واجب التنفيذ إلا بأمر يصدره قاضي الأمور الوقتية، بعد الاطلاع على الحكم و مشارطة التحكيم، بداهة لا يمكن أن يتضمن حكم التحكيم اتفاق التحكيم، و لا يمكن ان يصدر امر بالتنفيذ ما لم يكن هذا الاتفاق مكتوبا.
- ما جرى عليه العرف التحكيمي، والتطبيق العملي سواء في التحكيم الداخلي، أو الدولي من أن الكتابة اصبحت من الاعراف التحكيمية الواجب العمل بها دون نص تشريعي، مع العمل أن العرف هو مصدر الأول و أساسي من مصادر القاعدة القانوني.
الخلاصة
أن كتابة الاتفاق شرط جوهري للتحكيم، و لا يجوز إثبات الاتفاق بأي وسيلة أخري، و على ذلك، إذا جرى التحكيم دون اتفاق مكتوب، و اعترض أحد الطرفين على ذلك في حينه، و لم يؤخذ باعتراضه، فيكون هذا سببا صحيحا للطعن في حكم التحكيم، و لا يقبل الادعاء بأن الكتابة، إذ هي شرط إثبات فيجوز إذن إثبات الاتفاق بالإقرار أو باليمين الحاسمة.
اترك تعليقاً