Skip to main content

تعليق علي حكم محكمة النقض الفرنسية في قضية سوريليك ضد ليبيا

تعليق علي حكم محكمة النقض الفرنسية في قضية سوريليك ضد ليبيا

حكم محكمة النقض الفرنسية في قضية سوريليك ضد ليبيا

بتاريخ 7 سبتمبر 2022

رقم  الطعن المدني 118.22-20

الوقائع

قضية الشركة الفرنسية ” سوريليك”  شركة يملكها رجل أعمال فرنسي جزائري دخلت ليبيا  لتشييد مجموعة مدارس تتماشى والطبيعة الصحراوية  في ليبيا بعقد مع الحكومة الليبية في سبعينيات القرن الماضي . وذلك وفق اللقاء الذى جمع الوفد الليبي الزائر مع رجل الأعمال الفرنسي في معرض بباريس، والذى حضره وفدا ليبيا وأعجب بالتصاميم وتم التواصل مع المعنى ووقع العقد مع وزارة التعليم  في عام 1979 م. ونظرا لوجود نزاع بين الطرفين بعد التنفيذ بشأن المستحقات انتقل الخلاف إلى مخاصمة قضائية أمام المحاكم الليبية وتحصلت الشركة على حكم بحوالي 35 مليون دينار ليبي ضد الدولة الليبية ، وسجل في وزارة المالية للتنفيذ  – مع احتساب غرامة التأخير السنوية – خلال التسعينيات لكن لم يتم تنفيذه . ليعود الطرفان إلى التفاوض و أبرمت تسوية  ( اتفاق تسوية) بحوالي 110 مليون دينار ليبي  ، ليحال سند التنفيذ من وزارة المالية الى مصرف ليبيا المركزي بغرض تحويل المبلغ للمعنى  ولم يتسنى ذلك بسبب وجود دعوي من مواطن ليبي بالحجز عليه لدى المصرف المركزي إعمالا لمبدأ ” ما للمدين لدى الغير”. حتى جددت المطالبة في عام 2012 بمبلغ حوالي 450 مليون يورو. 

وفي شهر مارس عام 2013 بدأ نزاع آخر بين الطرفين بناءاً على  بتفاق تسوية  المبرم عام 2003 ، بأشرت شركة سوريليك قضية التحكيم ضد الدولة الليبية إستنادا الى اتفاقية تشجيع وضمان الاستثمار الليبية الفرنسية . وتقدمت الشركة  بمحضر تسوية معتمد من وزير العدل الليبي  والذي على أساسه أصدرت هيئة التحكيم قرار التحكيم الجزئي بتاريخ 20 ديسمبر 2017 ونصت شروطه أنه يتعين على ليبيا أن تدفع لشركة سوريليك مبلغ 230 مليون يورو في غضون 45 يوما ،  وإذا لم تلتزم يجوز للمحكمة أن تصدر حكمًا نهائيًا يأمرها بدفعها مبلغ 452 مليون يورو . وبما أن ليبيا لم تدفع خلال تلك الفترة أصدرت المحكمة حكمًا نهائيًا في 10 أبريل 2018 تأمر ليبيا بدفع 452 مليون يورو لشركة سوريليك . ، لتصعد المطالبة إلي 600 مليون يورو مع الفوائد.

طعنت ليبيا من خلال إدارة قضايا الحكومة أمام محكمة الاستئناف في باريس ضد كلا القرارين في بداية   2018 على أساس اتفاق التسوية المصادق عليه من هيئة التحكيم تم الحصول عليه بوسائل يشوبها الإحتيال في 17 نوفمبر 2020 . ليأتي حكم محكمة النقض الفرنسية موضوع هذا التعليق مستجيبا للطلب الليبي ويبطل حكم التحكيم ويلزم شركة سوريليك بالمصاريف.

الحيثيات 

لعل أبرز ما يمكن الوقوف عليه ، واستحضاره في هذا الحكم ، هو تكريس القضاء الفرنسي للمبادئ التالية:

  • “مخالفة مبدأ  النظام العام الدولي” و مكنة إبطال أحكام التحكيم لوجود شبهة الفساد. حيث حكمت محكمة التمييز الفرنسية صراحة إن احترام النظام العام الدولي الموضوعي لا يمكن أن يكون متوقفا على مطالبة أحد الأطراف في الخصومة  وأنه يعد من النظام العام ، ويجب على القاضي إثارته من تلقاء نفسه ، ولو لم يطلبه الخصوم.

    وتؤكد المحكمة في هذا السياق  وإن كانت مهمة محكمة الاستئناف المنظور أمامها القضية بموجب هذا النص – القانون المدني الفرنسي-  ملتزمة  بالنظر في الحالات الواردة به، فإنه لا توجد في القانون و لا في الواقع أي قيود على سلطتها في البحث عن جميع الحالات المذكور، وبالتالي من صلاحياتها ، بل واجبها إعمالا لمفهوم النظام العام الدولي النظر في سلامة حكم التحكيم وصحته عند منحها له الصيغة التنفيذية  بمقياس مخالفته للنظام العام الدولي من عدمه. حيث أن إتفاق التسوية  – أى الصلح- تم الحصول عليه بواسطة الفساد،  والمحكمة ملزمة النظر في هذه الوقائع ولو لم  يسبق تقديمها أمام المحكمين سابقا.
  • “الاختصاص” حيث جاء حكم المحكمة صريحا بأن المادة السادسة من قانون إنشاء إدارة قضايا الدولة رقم 87 لسنة 1971 الذي لا يسمح لوزير العدل أو أى وزير ، وحتي مجلس الوزراء المصادقة على تسوية أو صلح إلا بموجب  تفويض أو أذن من إدارة القضايا.
  • ” سكوت الدولة الليبية” لا يحرمها من حقها في إبطال حكم التحكيم بل رأت المحكمة عدم اعتراضها على الصلح والسعي لخلق التوازن في التفاوض الحال والنتيجة اللتان تحصلت بهما شركة سوريليك علي جميع مطالبها دون أن يقابله وجود أية مصلحة لجانب الدولة الليبية أو فائدة يخلق تفسيرا يعزز وجود التحائل والفساد لكون التسوية لم تتم في مناخ صحي ومتزن بين الطرفين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *