تعليق على المبدأ الصادر من الدوائر مجتمعة في الطعن رقم 16/21 ق
من المبادئ الهامة في قضاء الدوائر المجتمعة بالمحكمة العليا الليبية بخصوص إعلان من له موطن معلوم بالخارج
ملخص المبدأ
كان العمل قد جرى على أن الإعلان الذي يتم بالطرق الدبلوماسية يجب أن يصل إلى المطلوب إعلانه في الخارج ويوقع بما يفيد الاستلام. ووفقًا للمبدأ الجديد، فإنه يعتبر معلنًا بمجرد استلامه من النيابة العامة بشرط أن تراعى المواعيد.
المبدأ
“وحيث إنه وإن كان الأصل وفقًا للمادة 11 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي بينها القانون، ويكون التسليم إلى الشخص نفسه في الأحوال التي يوجب فيها القانون ذلك، إلا أن المادة 14/12 من قانون المرافعات نصت على أن تسلم صورة الإعلان فيما يتعلق بالأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج للنيابة، وعليها إرسال الصورة لوزارة الخارجية لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية. وعلى ذلك، فإن إعلان من له محل إقامة معلوم في الخارج بتقرير الطعن بالنقض يتم بتسليم الصورة للنيابة وينتج الإعلان أثره من تاريخ تسليم الصورة للنيابة المعلن إليها لها. ويبرر هذه القاعدة الخارجة على الأصل والتي أوردتها المادة 14/12 مرافعات أن المحضر ووساطته في الإعلان واجبة، ولا ولاية له خارج البلاد، ولا سبيل للطعن على الإجراءات التي يتم بها تسليم الصورة ولا مساءلة القائمين بها. على أن هذه القاعدة لا تسري بالنسبة لإعلان الحكم الذي يبدأ به ميعاد الطعن، فقد أوجب المشرع في المادة 301 مرافعات أن يكون الإعلان لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي، وكذلك الشأن بالنسبة لإعلان المحجوز لديه عملًا بالمادة 464 من قانون المرافعات. وذلك حرصًا من المشرع على وجوب توافر العلم الشخصي بالإعلان أو في القليل العلم الظني، مستبعدًا العلم بتسليم الصورة للنيابة تقديرًا منه لأهمية ذلك بالنسبة لهاتين الحالتين. وبذلك فإن المحكمة تعدل عن قضائها السابق الصادر في 19/3/1966م في الطعن رقم 7/11ق، والذي كان يوجب أن يتم إعلان الطعن إلى المطعون ضده في موطنه بالخارج خلال الميعاد مضافًا إليه ميعاد المسافة ولا يكتفي بتسليم الصورة للنيابة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أودع أصل ورقة إعلان الطعن في 1/11/1973 وثابت فيها تسليم الصورة للنيابة لتوصيلها بالطريق الدبلوماسي للمطعون ضده، أي خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 344 مرافعات، وكان الطعن قد استوفى باقي أوضاعه القانونية، فإنه يكون مقبولًا شكلاً.”
المبدأ السابق الذي عدلت عنه المحكمة
- إعلان المطعون ضده المعلوم له موطن في الخارج يجب أن يتم في هذا الموطن خلال المدة المبينة في المادة 18 من ذات القانون.
- تسليم الإعلان في هذه الحالة إلى النيابة العامة لا يعتبر إعلانًا صحيحًا، بل يجب أن يتم على الوجه السالف الذكر وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً.
تاريخ الطعن: 19 – 3 – 1966م، رقم الطعن: 7/11 ق.
مواعيد المسافة المنصوص عليها في المادة (18) من قانون المرافعات:
- 30 يوماً للبلاد الواقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
- 60 يوماً لبلاد أوروبا.
- 150 يوماً للبلاد الأخرى.
التعليق
ترتب على المبدأ المعدول عنه أن الإعلانات تحال إلى النيابة العامة، وتقوم النيابة العامة بإحالتها إلى وزارة الخارجية لتتولى إيصالها بالطريق الدبلوماسي على أن تكون مواعيد الجلسة قد روعيت فيه. إلا أنه من حيث الواقع العملي، فإن القضايا التي من هذا النوع تتراكم بدون فصل وقد يطول تراكمها إلى سنوات طويلة لعدم اهتمام وزارة الخارجية بمتابعة الإعلانات. وتبدو المشكلة أعمق في إعلان الطعن بالنقض المدني، حيث تنص المادة (344) من قانون المرافعات على أن “إعلان الطعن إلى الخصوم: في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن يجب على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه الطعن إليهم وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه. ويكون هذا الإعلان بورقة من أوراق المحضرين وبالأوضاع العادية.” أي أن تضاف إلى مدة ال(15) يوماً المنصوص عليها ميعاد المسافة، فإذا لم يتم الإعلان كان يحكم بعدم قبول الطعن. وهي نوع من الطلاسم أو العوائق التي تميز بها قانون مرافعاتنا وقد عفا عليها الزمن في الدول الأخرى التي اقتبسنا منها هذا النص، وكانت سببًا رئيسيًا في عرقلة الفصل في الدعاوى وتعطيل تحقيق العدالة. فإن هذا المبدأ حل هذه الإشكالية، فإني أشيد باجتهاد محكمتنا العليا العملي.
بقلم: المستشار جمعة عبدالله بوزيد
التاريخ: 21 مارس 2024
اترك تعليقاً