أدوات الوصول

Skip to main content

تحليل مفصل للقرار رقم 79 لسنة 2024 بشأن إنشاء المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني

في 11 أغسطس 2024، أصدر المجلس الرئاسي الليبي القرار رقم 79 لسنة 2024 بإنشاء المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني. يهدف القرار إلى تنظيم الاستفتاءات الوطنية وضمان نزاهتها وحيادها، تحت إشراف مجلس إدارة مستقل وقرارات علنية. ومع ذلك، ظهرت عدة تساؤلات وانتقادات بشأن هذا القرار، أبرزها جاء في بيان مجلس النواب رقم (5) لسنة 2024. في هذا التحليل، سنتناول العيوب في القرار والمقترحات لتحسينه، بالإضافة إلى التعليقات الواردة من مجلس النواب.

نص القرار وتحليله

المادة الأولى: التعريفات

تحدد المادة الأولى مصطلحات “الاستفتاء”، “الاستعلام الوطني”، و”المفوضية”. على الرغم من وضوح التعريفات، إلا أن مفهوم “الاستعلام الوطني” يظل غامضًا إلى حد ما. يتطلب الأمر توضيحًا إضافيًا حول كيفية تنفيذ هذه الاستطلاعات واستخدام نتائجها.

المادة الثانية: إنشاء الهيئة واستقلاليتها

تشير المادة الثانية إلى إنشاء هيئة مستقلة، لكن تظل هناك مخاوف بشأن مدى استقلاليتها الفعلية. ارتباط مقر المفوضية بقرار من رئيس المجلس الرئاسي يثير تساؤلات حول مدى استقلاليتها عن السلطة التنفيذية.

المادة الثالثة: اختصاصات المفوضية

تشمل المادة الثالثة اختصاصات واسعة للمفوضية، من إعداد وتنفيذ الاستفتاء إلى الإعلان عن نتائجه. لكن هذه المادة تفتقر إلى تفاصيل حول كيفية ضمان الشفافية والمساءلة في تنفيذ هذه المهام، مما قد يفتح الباب أمام تضارب في الصلاحيات.

المادة الرابعة: الهيكل التنظيمي

تترك المادة الرابعة الهيكل التنظيمي للمفوضية لرئيس المجلس الرئاسي، مما قد يضعف من استقلالية المفوضية إذا تأثرت بالقرارات السياسية.

المادة الخامسة: تشكيل مجلس الإدارة

تحدد المادة الخامسة تشكيل مجلس إدارة المفوضية من شخصيات قانونية وأكاديمية، مع غياب تمثيل المجتمع المدني. هذا الغياب قد يؤثر على شرعية المجلس وحياديته.

المادة السادسة: اليمين القانونية

تنص المادة السادسة على أداء اليمين القانونية، مما يعزز الالتزام بالنزاهة، ولكن تظل مخاوف حول الحيادية إذا كانت القرارات مرتبطة بسلطات تنفيذية عليا.

بيان مجلس النواب رقم (5) لسنة 2024

أصدر مجلس النواب بيانًا يعترض فيه على القرار، مشيرًا إلى أن إنشاء هيئة للاستفتاء والاستعلام الوطني يتجاوز صلاحيات المجلس الرئاسي ويعد انتهاكًا للإعلان الدستوري. المجلس أعرب عن مخاوفه من أن إنشاء المفوضية يشكل تجاوزًا خطيرًا للصلاحيات الدستورية وقد يؤدي إلى تداخلات مع اختصاصات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

أبرز الانتقادات:

  1. تجاوز صلاحيات المجلس الرئاسي: يرى مجلس النواب أن القرار يمثل تجاوزًا لصلاحيات المجلس الرئاسي المحددة في اتفاق جنيف، ويتدخل في اختصاصات دستورية تحتاج إلى توافق وطني واسع.
  2. ازدواجية المؤسسات: مجلس النواب أشار إلى أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات هي الجهة المختصة بتنفيذ مهام تتعلق بالاستفتاءات، وبالتالي لا مبرر لإنشاء هيئة موازية.
  3. انعدام الضمانات الوطنية: المجلس عبر عن قلقه بشأن غياب الضمانات الوطنية التي تضمن قبول نتائج الاستفتاءات، وهو أمر حيوي في ظل الظروف الانتقالية التي تمر بها ليبيا.

العيوب الرئيسية

  1. استقلالية المفوضية: رغم التأكيد على الاستقلالية، إلا أن ارتباط القرارات برئيس المجلس الرئاسي يضعفها.
  2. غياب آليات التنفيذ والمساءلة: يفتقر القرار إلى تحديد واضح للإجراءات التنفيذية وآليات المساءلة.
  3. ضبابية في تعريف “الاستعلام الوطني”: التعريف الحالي غير كافٍ لتوضيح كيفية إجراء الاستطلاعات.
  4. ازدواجية الصلاحيات: إنشاء هيئة جديدة يتداخل مع مهام المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
  5. عدم توافق القرار مع الإعلان الدستوري: وفقًا لبيان مجلس النواب، القرار يخالف الإعلان الدستوري ويشكل خطرًا على الاستقرار الدستوري.

المقترحات لتحسين القرار

  1. تعزيز الاستقلالية: ينبغي أن يتضمن القرار نصوصًا تضمن استقلالية المفوضية عن أي تأثير سياسي، مع تحديد آليات رقابية مستقلة.
  2. إدراج آليات تنفيذية تفصيلية: تضمين إجراءات تنفيذية واضحة تشمل جميع مراحل الاستفتاء، من الإعداد إلى إعلان النتائج.
  3. توضيح مفهوم “الاستعلام الوطني”: توضيح كيفية إجراء الاستطلاعات واستخدام نتائجها لضمان فعاليتها.
  4. تعديل تشكيل مجلس الإدارة: إضافة ممثلين عن المجتمع المدني ومراقبين دوليين لضمان تنوع الخبرات وحيادية القرارات.
  5. توافق وطني: كان من الأفضل الحصول على توافق وطني واسع قبل اتخاذ قرار بهذا الحجم، لضمان قبول النتائج وضمانات دستورية واضحة.

خاتمة

القرار رقم 79 لسنة 2024 يعد خطوة مهمة نحو تعزيز العملية الديمقراطية في ليبيا، لكن يجب معالجته بعناية لضمان عدم تضارب الصلاحيات واستقلالية المفوضية. إدخال التحسينات اللازمة يمكن أن يعزز ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية ويضمن نزاهة وشرعية الاستفتاءات التي تشرف عليها المفوضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *