أدوات الوصول

Skip to main content

تحصين الموظفين العامين والخواص ضد التحقيق والدعوى الجنائية في النظام القانوني الليبي

هل تعلم أن النظام القانوني الليبي يحصن عدداً كبيراً من الموظفين العامين وبعض الخواص ضد إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية؟ هذا التحصين يشمل الكثير من الفئات التي لا توجد في نظم قانونية مشابهة حول العالم.

حصانات قانونية في ليبيا

في دستور وقوانين الولايات المتحدة الأمريكية، لا توجد أي حصانة ضد الدعوى الجنائية. أما في النظام القانوني الليبي، فمنذ الاستقلال وحتى سنة 1962، لم تكن هناك حصانات إلا لأعضاء مجلس النواب أثناء دور الانعقاد فقط.

التحولات بعد سنة 1970

بمراجعة جميع التشريعات الليبية من الاستقلال إلى الآن، نجد أن سياسة المشرع الليبي بعد سنة 1970 قد توسعت في الحصانات ووضع القيود على الدعوى الجنائية تحقيقاً ورفعا. فقبل سنة 1970، كانت القيود محددة في حصانة لأعضاء مجلس النواب والمجالس التشريعية للولايات أثناء دور الانعقاد فقط، ثم أضيفت حصانة لرجال القضاء سنة 1962.

الزيادة في التشريعات

منذ سنة 1970، ازدادت التشريعات التي تضع قيوداً على الدعوى الجنائية بشكل ملحوظ:

  • في عقد السبعينات: 9 تشريعات
  • في عقد الثمانينات: 2 تشريعات
  • في عقد التسعينات: 5 تشريعات
  • في عقد الألفينات: 14 تشريعات
  • في العقد الثاني بعد عام 2000: 17 تشريعات
  • في العقد الثالث: 3 تشريعات

مجموع هذه التشريعات هو خمسون قانوناً، وضعت قيوداً مختلفة، بعضها يتعلق بالتهم المرتبطة بالعمل أو التي تقع أثناء ممارسته، والبعض الآخر حصانة مطلقة في كل الجرائم.

الأثر العملي للحصانات

خطورة هذه النصوص أنها أوكلت الإذن إلى جهات غير قضائية، وهي الجهات التي يتبعها المحصنون، وهذه الجهات تدافع عن تابعيها ولا يمكن افتراض الحيدة والنزاهة فيها باستثناء جهة واحدة وهي اللجنة المنصوص عليها في قانون نظام القضاء في المادتين 96 و97. هذه اللجنة برئاسة مستشار بالمحكمة العليا وعضوين من رؤساء محاكم الاستئناف تُعنى بالموضوعية في قراراتها.

حصانات متنوعة

الحصانة الأصلية تهدف لحماية الموظف العام، خاصة رجال القضاء وضباط الأجهزة النظامية لاحتمال الكيد لهم. لكن، هناك جهات ليست لها هذه الأهمية، مثل موظفي هيئة السكك الحديدية وموظفي هيئة النهر الصناعي العظيم وأعضاء الهيئات القضائية من غير القضاة وأعضاء النيابة.

حالة حصانة هيئة الشرطة

في القانون رقم 5 لسنة 2018 بشأن هيئة الشرطة، نصت المادة 135 على عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية ضد عضو قوة الشرطة عن الخطأ الذي يرتكبه بسبب أدائه لواجباته أو أثناء تأديته لمهام وظيفته إلا بإذن كتابي من الوزير. هذا النص تعرض لنقد شديد لشموله جميع أعضاء هيئة الشرطة سواء كانوا أفراداً أو ضباط صف أو ضباطاً.

التعديل القانوني

بناءً على هذا النقد، تقدم عدد من النواب بطلب تعديله، وصدر تعديل على النص بموجب القانون رقم 11 لسنة 2023 بتاريخ 17 أبريل 2023. نص التعديل على عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية ضد ضابط الشرطة إلا بإذن كتابي من الوزير.

التحليل القانوني والدستوري

لا يعد هذا الإجراء حصانة، بل قيد إجرائي على التحقيق ورفع الدعوى الجنائية، وهو يمنع سلطة الاتهام من اتخاذ الإجراء الجنائي أو رفع الدعوى وجعل الدعوى الجنائية موقوفة على إرادة الوزير أو من يحدده القانون.

مقارنة بالنظام القانوني الأمريكي

في النظام القانوني الأمريكي، لا توجد حصانات أو قيود على التحقيق ورفع الدعوى الجنائية حتى بالنسبة لقضاة المحكمة الفيدرالية العليا. الضمانة الوحيدة هي عدم جواز القبض على أي إنسان أو حجز حريته أو تفتيشه أو تفتيش بيته إلا بأمر من القضاء الجالس.

أسباب النص على الحصانات

السبب في إصرار الجهات على هذه الحصانات هو الإسراف في الحبس الاحتياطي. قد يجد الضابط أو المسؤول نفسه قيد الحبس الاحتياطي عند استدعائه للتحقيق، لذا فمن الضروري وضع ضوابط تمنع إهانة الموظف المسؤول بالحبس الاحتياطي بسبب أداء وظيفته.

الحلول المقترحة

لحل هذه المشكلة، يجب التوفيق بين عدم وضع القيود على سلطة النيابة العامة وحماية الموظفين من الحبس التعسفي. يمكن أن يكون الحل في عدم جواز الحبس الاحتياطي لهذه الفئات إلا بإذن رئيس محكمة الاستئناف، أو عدم جواز الحبس الاحتياطي إطلاقاً إذا كان الاتهام بسبب أداء العمل.

بقلم: المستشار جمعة عبدالله بوزيد
بتاريخ: 10 مارس 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منشورات ذات الصلة