أدوات الوصول

Skip to main content

إعادة تقييم قانون مكافحة الفساد في ليبيا: دراسة نقدية

تعد مكافحة الفساد من التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات الحديثة، حيث يمثل الفساد عائقاً أمام التنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي. ومن هذا المنطلق، اعتمدت الأمم المتحدة اتفاقية لمكافحة الفساد في عام 2003، والتي صادقت عليها ليبيا في عام 2010. ومع ذلك، تبرز التساؤلات حول فعالية التشريعات المحلية التي صدرت في ليبيا لمكافحة الفساد، خاصة بعد صدور القانون رقم 63 لسنة 2012 والقانون رقم 11 لسنة 2014. يناقش هذا المقال التشريعات الليبية المتعلقة بمكافحة الفساد ويستعرض الإشكاليات التي تواجهها.

خلفية تاريخية

صدرت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2003، وصادقت عليها الدولة الليبية عام 2010. هذه الاتفاقية تُعتبر شاملة في تغطيتها لجميع جوانب الفساد ومكافحته والوقاية منه، كما بينت جرائم الفساد بوضوح. وفي ليبيا، صدر القانون رقم 63 لسنة 2012 بتاريخ 3/7/2012 من المجلس الوطني الانتقالي، بهدف إنشاء هيئة مكافحة الفساد. إلا أن هذا القانون لم يدم طويلاً، حيث ألغاه القانون رقم 11 لسنة 2014 الصادر بتاريخ 16/4/2014 من المؤتمر الوطني.

الإشكاليات في التشريع الليبي

القانون رقم 11 لسنة 2014 تعرض للعديد من الانتقادات كونه أُلغي دون مبرر قانون رقم 63 لسنة 2012. بالرغم من تكليف لجنة من المعهد العالي للقضاء التي ضمت عددًا من المستشارين والأكاديميين بإعداد مشروع متكامل لمكافحة الفساد، إلا أنه تم تجاهله واستبداله بالقانون الجديد الذي وُصف بأنه مشوه وصيغ على عجالة، مما أدى إلى وجود العديد من العيوب.

نقص التعريف وتحديد الجرائم

من أبرز العيوب في القانون رقم 11 لسنة 2014 أنه لم يحدد بوضوح جرائم الفساد أو وسائل الوقاية منها، ولم يلتزم بالنموذج القانوني لمكافحة الفساد المقدم من الأمم المتحدة. حدد القانون الجرائم على سبيل الحصر من خلال قوانين معينة، إلا أنه أضاف بعض النصوص من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد دون توضيحها، مما زاد من غموض التشريع العقابي.

العقوبات وتطبيقها

كما نصت المادة 25 من القانون على عقوبات مشددة لكل من يرتكب أي جريمة من جرائم الفساد المنصوص عليها في الفقرة (7) من المادة (3). ومع ذلك، لم يكن المشرع موفقًا في تعميم العقوبات، حيث اعتبر جميع الجرائم الواردة في القوانين جنايات، مما أدى إلى عدم التفريق بين الجرائم البسيطة والجنايات الخطيرة.

الحاجة إلى إصلاح التشريعات

بالنظر إلى النصوص القانونية المتعددة والمتعلقة بالجرائم الاقتصادية، يتضح أن العقوبات الأصلية في بعض النصوص غير كافية. وهذا يثير التساؤلات حول مدى دراسة هذه النصوص ونقاشها بشكل مستفيض من قبل المؤتمر الوطني. رغم خطورة جرائم الفساد، يجب أن لا تتحول هذه القوانين إلى نصوص ظالمة لا تخدم العدالة.

خاتمة

في الختام، يتطلب التشريع الليبي لمكافحة الفساد إعادة تقييم شاملة، لضمان عدالة القوانين وفعالية العقوبات في مكافحة الفساد. يجب أن تتماشى القوانين مع الاتفاقيات الدولية وتحدد بوضوح الجرائم والعقوبات المناسبة لتحقيق العدالة والتنمية المستدامة.

بقلم: المستشار جمعة عبدالله بوزيد
بتاريخ: 6 يناير 2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

منشورات ذات الصلة