أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 46/ 45 ق

نشر في

العنوان

  1. اختصاص المحكمة الجزئية بنظر دعوى التعويض عن الجنحة – أساسه.
  2. التعويض عن الضرر الأدبي مناطه.
  3. إثبات ركن الخطأ موكول لقاضي الموضوع – شرطه.
  4. اللجوء للقضاء حق مشروع – شرطه.
  5. عدم بيان أوجه الدفوع والمستندات التي لم ترد عليها محكمة الموضوع في أسباب الطعن – أثر ذلك.

الملخص

  1. أن قضاء هذه المحكمة استقر في تفسيره لنص الفقرة الأخيرة من المادة 43 من قانون المرافعات على أن شرط اختصاص المحكمة الجزئية اختصاصاً استثنائياً مهما بلغت قيمة الدعوى أن يكون التعويض المطالب به ناشئاً عن ارتكاب جنحة أو مخالفة، ولا يشترط أن يكون هناك حكم قضائي نهائي ليثبت وصف الجنحة أو المخالفة الذي يستند إليه طلب التعويض، فليس مما يمنع اختصاص القاضي الجزئي كون الدعوى الجنائية لم ترفع أصلاً أو حتى إذا لم يتخذ فيها أي إجراء ما دام أن المدعي يستند في طلبه التعويض على وقوع جنحة أو مخالفة، وأن تكييف الفعل مصدر الضرر أمر متروك للمحكمة التي يطلب منها الحكم بالتعويض.
  2. وإن كان من المقرر وفقاً للمادة 4 من القانون المدني أن اللجوء إلى القضاء هو حق مشروع لكل شخص ولا يكون مسئولاً عما ينشأ من ضرر أثناء استعماله لهذا الحق، إلا أن المادة 5 من ذات القانون قيدت هذا الحق بأن نصت على أن استعمال هذا الحق يكون غير مشروع في أحوال منها: إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة، – وتكون المصلحة غير مشروعة إذا كان تحقيقها يتعارض مع النظام العام، أو يخالف أحكام القانون.
  3. أن تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية المدنية، مما يتعلق بموضوع الدعوى، تفصل فيه محكمة الموضوع دون معقب عليها مادام تقديرها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصل ثابت في الأوراق.
  4. قضاء هذه المحكمة استقر على أنه لما كان موطن الضرر الأدبي الموجب للتعويض هو العاطفة والشعور والحنان، وهو من الأمور الخفية التي لا يمكن بالحس الظاهر إدراك ما يصيبها من ضرر أدبي، فإنه من المتعذر على المحكمة تحديد عناصر مثل هذا الضرر ومن ثم فإنه يكفي السلامة الحكم بشأنه تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون معقولا دونما إسراف أو تقتير.

الحكم

الوقائع

أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 61 لسنة 1996 ف على الطاعن، طالبة إلزامه بأن يدفع لها مبلغ خمسة عشر ألف دينار، وقالت شرحاً لها : إنه اتهمها بفعل يعتبر جريمة قانوناً وبشكل أمكن معه مباشرة إجراء جنائي، وكان الاتهام أمام السلطات المختصة، بأن اتهمها بدخول منزله في غيبة ساكنيه، واختلست منه جهازاً مرئياً، وغسالة، وتم التحقيق معها وسجلت ضدها القضية رقم 320 لسنة 1994 ف، وتبين عدم صحة الاتهام المسند إليها بالأمر بألا وجه الصادر من النيابة العامة لإقامة الدعوى الجنائية قطعياً لعدم الصحة، بعد أن تبين لها من شهادة زوجته أن الأشياء التي اتهمها بسرقتها نقلتها إلى منزل والدها، وهو على علم بذلك، ولولا هذه الشهادة لما صدر أمر بالأوجه في هذه التهمة، والتي سببت لها أضراراً أدبية نالت سمعتها، ومتاعب خاصة مع زوجها وأقاربها وجيرانها بدون ذنب ارتكبته، وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية مبلغ ثلاثة آلاف دينار تعويضاً لها عن الضرر الأدبي الذي لحق بها، فاستأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة الزاوية الابتدائية التي قضت بهيئة استئنافية، بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً.

“وهذا هو الحكم المطعون فيه.”

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1996.5.26ف، وتم إعلانه بتاريخ 1997.1023 ف، وقرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1997.11.20 ف، مسدداً الرسم والكفالة و مودعاً مذكرة بأسباب الطعن، وسند وكالته، ثم أودع بتاريخ 1997.12ف صورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الجزئي،، كما أودع بذات التاريخ أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدها في اليوم السابق، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفي أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وتأويله من الوجوه الآتية:- مجموعة أحكام المحكمة العليا:

  1. أن الحكم خالف قواعد الاختصاص القيمي، ذلك أن الدعوى أقيمت بمبلغ خمسة عشر ألف دينار وهو ما يخرجها عن الاختصاص القيمي للمحكمة الجزئية ولا ينطبق عليها أحكام نص الفقرة الرابعة من المادة 43 قانون المرافعات وأن الاختصاص ينعقد للمحكمة الابتدائية وفقاً للقواعد العامة.
  2. أن الحكم قضى بالتعويض مع أن الطاعن لم يرتكب أي خطأ واستعمل حقه المشروع وفقاً للمادة 4 من القانون المدني والدليل على ذلك أنه لم يتهم بتهمة الافتراء.
  3. أن الحكم قدر التعويض على أسس غير سليمة لا يقرها القانون ولم يرد على دفوع الطاعن.

وحيث إن الوجه الأول من الطعن مردود، ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر في تفسيره لنص الفقرة الأخيرة من المادة 43 من قانون المرافعات على أن شرط اختصاص المحكمة الجزئية اختصاصاً استثنائياً مهما بلغت قيمة الدعوى أن يكون التعويض المطالب به ناشئاً عن ارتكاب جنحة أو مخالفة، ولا يشترط أن يكون هناك حكم قضائي نهائي ليثبت وصف الجنحة أو المخالفة الذي يستند إليه طلب التعويض، فليس مما يمنع اختصاص القاضي الجزئي كون الدعوى الجنائية لم ترفع أصلاً أو حتى إذا لم يتخذ فيها أي إجراء ما دام أن المدعي يستند في طلبه التعويض على وقوع جنحة أو مخالفة، وأن تكييف الفعل مصدر الضرر أمر متروك للمحكمة التي يطلب منها الحكم بالتعويض.

ولما كان ذلك، وكان أساس طلب التعويض الذي تستند إليه المطعون ضدها هو تعويضها عما أصابها من ضرر أدبى نتيجة اتهامها من قبل الطاعن بالسرقة، وهو يعلم بأنها بريئة منها أمام السلطات المختصة، وبشكل أمكن معه اتخاذ إجراء جنائي، وهو ما يشكل جنحة افتراء وفقاً لنص المادة 262 من قانون العقوبات وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد على هذا الدفع بقوله : إن الضرر الذي أصاب المستأنف ضدها كان من جراء اتهامها من قبل المستأنف في جنحة سرقة بما يجعل الضرر متعلقاً بجنحة، وتختص به محكمة أول درجة، ومن ثم فإن النعي بعدم الاختصاص القيمي، وبعدم انطباق أحكام المادة 4/43 من قانون المرافعات لا يكون قائماً على أساس.

وحيث إن الوجه الثاني في غير محله، ذلك أنه وإن كان من المقرر وفقاً للمادة 4 من القانون المدني أن اللجوء إلى القضاء هو حق مشروع لكل شخص ولا يكون مسئولاً عما ينشأ من ضرر أثناء استعماله لهذا الحق، إلا أن المادة 5 من ذات القانون قيدت هذا الحق بأن نصت على أن استعمال هذا الحق يكون غير مشروع في أحوال منها: إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة، – وتكون المصلحة غير مشروعة إذا كان تحقيقها يتعارض مع النظام العام، أو يخالف أحكام القانون- وكان من المقرر أيضاً أن تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية المدنية، مما يتعلق بموضوع الدعوى، تفصل فيه محكمة الموضوع دون معقب عليها مادام تقديرها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصل ثابت في الأوراق، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر الخطأ في حق الطاعن من خلال اتهامه للمطعون ضدها بتهمة سرقة منزله وهو يعلم أنها بريئة، لأنه حسب شهادة زوجته أن الأشياء المدعى بسرقتها نقلتها زوجته إلى بيت والدها ؛ فإن ما استخلصه الحكم يعتبر سائغاً وذا أصل ثابت بأوراق الدعوى ويكفي الحمل ما انتهى عليه.

وحيث إنه بالنسبة للنعي في وجهه الثالث فهو مردود أيضاً ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أنه لما كان موطن الضرر الأدبي الموجب للتعويض هو العاطفة والشعور والحنان، وهو من الأمور الخفية التي لا يمكن بالحس الظاهر إدراك ما يصيبها من ضرر أدبي، فإنه من المتعذر على المحكمة تحديد عناصر مثل هذا الضرر ومن ثم فإنه يكفي السلامة الحكم بشأنه تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون معقولا دونما إسراف أو تقتير.

وكان البين من مدونات الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أورد قوله : ((إن المدعية قد قدرت التعويض عن الضرر الأدبي الذي حل بها بمبلغ خمسة عشر ألف دينار وهو مبلغ مبالغ فيه.

وحيث إن التعويض عن الضرر الأدبي غير مقدر بمال لذا فإن المحكمة تقدره بما ظهر لها من حال المدعية دون إفراط أو تفريط)).

وحيث إن ما ساقه الحكم على النحو المتقدم يتضمن بياناً لعناصر الضرر الأدبي التي اتخذها أساساً لتقديره، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن مستوجب الرفض.

وحيث إنه عما يثيره الطاعن من عدم رد الحكم على الدفوع التي أثارها أمام المحكمة المطعون في حكمها، فإنه من المقرر أن متي كان الطاعن لم يبين الدفوع التي أبداها لدى المحكمة المطعون في حكمها حتى بين ما إذا كانت من الدفوع الجوهرية التي يجب إيرادها والرد عليها أو ليست كذلك، فلا تحتاج إلى رد خاص عليه، الأمر الذي يكون معه هذا النعي في غير محله، ويتعين لذلك رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وبالزام الطاعن بالمصروفات.