طعن مدني رقم 320/47 ق
طعن مدني رقم 320/47 ق
خلاصة المبدأ
هبة عقار – شرطها.
الحكم
الوقائع / تخلص الواقعة في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 97/1557 أمام محكمة بنغازي الابتدائية، قائلاً فیها: إن جده – والد المطعون ضدهما – وهب له الثلث في كامل عقاراته بأرض قماطة منطقة قصر الأخيار بموجب وثيقة الهبة المحررة بتاریخ
1956.2.28ف، وتم تسلیمه المال الموهوب، وانتهى إلى طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الهبة، وأحقيته في مبلغ مائة ألف دينار ثمن الأرض التي باعها من تركة جده الواهب، مع احتفاظه بحقه في باقي ثمن الأرض المباعة، والمحكمة قضت برفض دعواه،وقضت محكمة استئناف بنغازي في الاستئناف المرفوع من الطاعن برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فیه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فیه بتاریخ 2000.2.20ف، ولا یوجد بالأوراق ما یفید إعلانه، وبتاریخ 2000.5.23 ف قرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية ببنغازي، الطعن فيه بالنقض – نيابة عن الطاعن – لدى قلم كتاب المحكمة العلیا مسدداً الرسم،ومودعاً الكفالة وسند الإنابة، وصورة من الحكم المطعون فیه، وأخرى من الحكم الابتدائي ضمن حافظة مستندات.
و بتاریخ 2000.5.24ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما بذات التاریخ.
وبتاريخ 2000.7.2ف أودع محامي المطعون ضده الثاني مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته وبتاریخ 2000.7.16ف أودع عضو إدارة المحاماة الشعبية مذكرة رادة.
وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه. وفي الجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حیث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق وبيان ذلك:-
- أن هبة العقار محل النزاع للطاعن من قبل جده قد تحققت فیه مقومات قبوله من قبل الموهوب له مثلاً في شخص والده المطعون ضده الأول حالة كونه قاصراً وقت الهبة، وانصبت على ثلث مال الواهب لذي رحم محرم، ومن ثم لا یجوز الرجوع فیها وفق نص المادة 491 من القانون المدني، ولا یشترط لنفاذها قبولها من المطعون ضدهما، وحتى على فرض ضرورة صدور القبول منهما، یكفي أن یكون ضمنیاً، وأن سكوت الموهوب له بعد علمه بالإيجاب یعد قبولاً، وقبول المطعون ضده الثاني لهـا یستفاد من حضوره مجلس بیع العقارات محل الهبة بتاریخ 1994.12.2ف.
- أن المطعون ضدهما نفذا عقد الهبة بإرادتهما الحرة، وسلما العقار للموهوب إليه، حيث أقر المطعون ضده الأول بالهبة ووافق عليها، وأن المطعون ضده الثاني سلم العقار حكماً بإجازته للهبة الباطلة من حيث الشكل ضمناً بتوقيعه على عقد بیع كامل الأرض، وأنه لا يشترط تسجيل عقد الهبة حتى تنتج أثرها.
- أن الحكم المطعون فیه قضى على خلاف الثابت بالأوراق ولم يرد على ما جاء في تقرير الخبیر المصفي الذي أثبت أن التركة تم التصرف فيها بالبيع قبل أن ينتدب لتصفيتها، ولو تحقق من ذلك لتغیر وجه الرأي في الدعوى.
ولكل ما تقدم فإن الحكم يكون معیباً بما یوجب نقضه وحیث إن هذه المناعي غیر سديدة، ذلك أنه – وبحسب الأصل – وطبقاً لحكم المادة 477 من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – فإن هبة العقار لا تكون إلا بورقة رسمية حتى تتوافر للواهب أسباب الجدية في عقد ینزل به عن ماله دون مقابل وإلا وقعت باطلة، غیر أن المشرع خرج عن هذا الأصل العام في حالة التنفيذ الاختیاري لهبة باطلة لعيب في الشكل بما أورده في نص المادة 478 من ذات القانون من أنه “إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل، فلا یجوز لهم أن يستردوا ما سلموه «، ومفاد ذلك أن تنفیذ الهبة الباطلة لعيب في
الشكل من قبل الواهب أو ورثته مختارين هو وسيلة استثنائية، وبالتالي لا تصلح إلا بهذه الوسيلة الوحيدة التي حددها المشرع،وتحد بحدودها وتحصر في نطاقها، ولا یتوسع فیه، ولا یقاس علیه، ومن ثم لا تصلح إجازتها بأية وسيلة أخرى صراحة أو ضمناًوحیث إنه وإن كان جد الطاعن (ووالد المطعون ضدهما ) قد وهب ثلث عقاراته بأرض قماطة / منطقة قصر الأخیار ” للطاعن “،إلا أنه لم يفرغها في ورقة رسمية، ولم یقم بتنفيذ هبته بتسلیم المال الموهوب للموهوب له حال حیاته، ولم یثبت أن المطعون ضدهما قاما بتنفيذ الهبة بتسليم ما وهبه مورثهما للطاعن، وأن موافقة المطعون ضده ” والده “على الهبة، أو حضور عمه (المطعون ضده الثاني) مجلس بیع التركة، أو أن البیع ثم قبل أن يندب الخبیر المصفي لتصفیتها لا يستفاد منه أن المطعون ضدهما قد قاما بتنفيذ هبة والدهما الحفيدة ” الطاعن”.
وإذ التزم الحكمان الابتدائي و المطعون فيه المؤيد له لأسبابه هذا النظر، و أقاما قضاءهما على أن الواهب حال حیاته أو المطعون ضدهما بعد وفاته لم یسلموا العقارات الموهوبة إلى الموهوب له ( الطاعن )، ولا تنقلب الهبة الباطلة لعیب في الشكل من ثمصحیحه في أسلوب سدید یجد سنده الثابت في أوراق الدعوى، فإن الطعن یكون غیر قائم على أساس بما یتعین معه رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه, وإلزام الطاعن المصاريف.