طعن جنائي رقم 1251-45 ق
طعن جنائي رقم 1251-45 ق
خلاصة المبدأ
تقدير الأدلة من سلطة محكمة الموضوع.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه بتاريخ 18/6/1996 ف دائرة مكتب مكافحة جرائم المخدرات:
- تعامل بقصد التعاطي فى مادة مخدرة، وفي غير الأحوال المرخص بها قانوناً، بأن اشترى مادة الهيروين المبينة بتقرير الخبرة المرفق لأجل تعاطيها وعلى النحو المفصل بالأوراق.
- حاز بقصد التعاطي مادة مخدرة وفى غير الأحوال المرخص بها قانونا أن ضبطت بحيازته مادة الهيروين المبينة بتقرير الخبرة المرفق، وقد وقعت هذه الجريمة لذات الغرض الإجرامي من وقوع الجريمة السابقة، وعلى النحو المفصل بالأوراق.
وقدمته إلى غرفة الاتهام بمحكمة جنوب طرابلس الابتدائية طالبة إحالته إلى محكمـة الجنايات لمعـاقبته طبقـاً للمواد 1، 2، 37/1، 42، 46 من القانون رقم 7 لسنة 1990 ف فى شأن المخدرات والمؤثرات العقلية والمادة 76/2 عقوبات ومحكمة الجنايات بعد أن نظرت الدعوى أصدرت حكمها الذي قضى (حضوريا ببراءة المتهم مما نسب إليه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة).
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صـدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 16/11/1997 ف ـ وبتاريخ 11/12/1997 قرر الأستاذ… مساعد النيابة بمكتب المحامي العام طرابلس الطعن فيه بطريق النقض أمام قلم كتاب المحكمة أصدرته وأودع أسباب الطعن فى ذات التاريخ، وأودعت نيابة النقض مذكرة خلصت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، ثم تحدد لنظر الدعوى جلسة 2002.12.12 ف، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى من الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه، القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ استبعد اعتراف المطعون ضده بمحضر الضبط استجابة لدفعه بالإكراه المادي رغم عدم إقامة الدليل على حصول الإكراه، وأعرض عن مناقشة شهادة مأمور الضبط (…) الذي ضبط المتهم متلبسا بالجريمة ونقله إلى المستشفى حيث أجريت له عملية غسيل معدة أسفرت عن الجريمة، وطرح التقرير الطبي الذي يثبت واقعة غسيل معدة المطعون ضده بحجة خلو التقرير من اسم الدكتور وختم المستشفى وبعض البيانات الجوهرية التي يفترض وجودها لصحة التقرير، الأمر الذي يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض للتدليل على قضائه ببراءة الطاعن فقال (وحيث ان المحكمة وهي بصدد مطالعة الأوراق لتكوين عقيدتها من خلال ما اشتملت عليه، تبين لها أنه قد جاء في أقوال مأمور الضبط استدلالا أنه بينما كان يقوم بعمل التحري بمنطقة أبو سليم شاهد المتهم يقف بالقرب من أحد الأماكن المشهورة ببيع المخدرات، فاتجه إليه، وقد شاهده يبتلع شيئا ما كان ممسكا به في يده، فقبض عليه ونقله للمستشفى، وأجرى الطبيب للمتهم عملية غسيل، وأخرج من معدته ورقة نايلون بداخلها ورقة مطوية، بها مسحوق مادة الهيروين، وحرر له الطبيب ورقة بذلك، ثم أحضروه إلى مكتب المكافحة، وجاءت أقوال المتهم في محضر الضبط مطابقة لما جاء على لسان مأمور الضبط، وأضاف انه اشترى المخدر من شخص يدعى… بمبلغ خمسين دينارا، وقد أشتمل محضر الضبط على ضرورة القبض على المدعو…، حسبما جاء في تعليمات رئيس التحقيق، والاستعانة بالمتهم في عملية الاستدلال عليه، وكلف بذلك النقيب الشرفي حسين، والذي أفاد أنه قام بتمشيط المنطقة بحثا عنه، فلم يجده، وأن المتهم دلهم على منزله، ونزل إليه، وطرق الباب ووقف قليلا ثم لاذ بالفرار، ولم يتم القبض عليه إلا في 1997.4.1 ف، وجاء في أقوال المتهم أمام النيابة العامة أنه لدى صديقه محمد أبو ستة، وخرجا سويا من منزله، وطلب منه الأخير توصيله إلى المعسكر، وأثناء مروره بالإشارة الضوئية أمام باب العزيزية، تم استيقافه، ففر…، وقبض عليه، ونقل إلى مكتب المكافحة وطلب منه التعامل مع…، ودفع له مبلغ مائة دينار، فذهب إليه ولم يجده في منزله وعاد إلى مكتب المكافحة، وطلب منه التعامل مع المكتب والبحث عن الأشخاص الذين يبيعون المخدرات وقد انتهز الفرصة ولاذ بالفرار في سيارته، وأنكر ما جاء في أقواله بمحضر الضبط، وطلب مواجهته بالطبيب الذي قيل انه أجرى عملية الغسيل، كما أن أقواله بمحضر الضبط كانت نتيجة الإكراه الذي تعرض له من رجال المكافحة، وقد جاءت شهادة مأمور الضبط مطابقة أقواله بمحضر الضبط، وحيث إن المستفاد من كل ذلك أن سند واقعة الاتهام إلى المتهم هو ضبط مادة مخدر الهيروين والذي قيل أنه قام بابتلاعها عند مشاهدته لمأمور الضبط قادما نحوه، واستخرجت من معدته بعد إجراء عملية غسيل أجريت للمتهم، وجاء التقرير المرفق خاليا من بيان المصحة أو المستشفى الصادرة عنه وصفتها وكذلك اسم الطبيب الذي أجرى عملية الغسيل، فضلا عن إنكار المتهم لحصولها ومطالبة المتهم مواجهته بالطبيب الذي أجرى عملية الغسيل دون جدوى، كما وان المتهم ذكر ان المادة المخدرة ألقى بها المدعو محمد، وقد قام رجال المكافحة بالبحث عنه، كما جاء في محضر الضبط، وإن كان لم يرد ذلك في أقوال مأمور الضبط….، وحيث ان سند الاتهام – التقرير الطبي المرفق – وقد جاء خاليا من بيانات يجب إثباتها به، يجعله غير صالح لإثبات ما دون فيه، ويضفي على واقعة الاتهام بضلال من الشك يجعلها مفتقرة إلى اليقين اللازم لابتناء الأحكام الجنائية في الوقائع التي تصدر فيها، لذلك فان المحكمة تخلص إلى عدم قيامها في حق المتهم).
لما كان ذلك، وكان من المقرر انه يكفي للقضاء بالبراءة ان يورد الحكم ما يفيد ان المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت ظروفها وأدلتها إثباتا ونفيا ووازنت بينها، وداخلتها الريبة في صحة عناصر الاثبات، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف يفيد ان المحكمة المطعون في حكمها قد أحاطت بوقائع الدعوى وظروفها والأدلة المطروحة فيها، واطمأنت إلى أقوال المتهم أمام النيابة العامة وإنكاره التهمة، عدولا عن اعترافه بمحضر الضبط الذي برر صدوره عنه بالإكراه الذي تعرض له من رجال المكافحة، وهو ما يفيد ضمنا طرحها لشهادة مأمور الضبط التي أوردتها مطابقة لاعتراف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات، وأظهرت تشككها في التقرير الطبي، في ضوء إنكار المتهم، وطلبه مواجهة الطبيب، ولما اعترى ورقة التقرير من عيوب تمثلت في خلوه من البيانات التي يجب إثباتها فيه، ليكون صالحا للإثبات وموضعا للثقة فيما ورد به، فقد جاء خاليا من بيان المصحة او المستشفى الصادر عنه، وختمها واسم الطبيب الذي أجرى عملية الغسيل، مما ألقى في وجدان المحكمة ظلالا من الشك حول واقعة الاتهام جعلتها مفتقرة إلى اليقين اللازم لبناء الأحكام، وكان ما ركنت إليه المحكمة المطعون في حكمها يدخل في مطلق سلطتها في تقدير الدليل، ويستند إلى أصل ثابت في الأوراق، ويؤدي عقلا ومنطقا إلى النتيجة التي خلص إليها، فان النعي عليها يضحى مجرد جدل موضوعي فيما كونت منه معتقدها لتوهينه والتشكيك فيه، مما يكون معه النعي في غير محله، ويتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.